وَفِيهَا: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي كِتَابِ الْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ الْبَيِّنَةُ، وَلَا أَنْ يَقْرَأَهُ الْإِمَامُ وَالْحَاكِمُ عَلَى الْحَامِلِ لَهُ، وَكُلُّ هَذَا لَا أَصْلَ لَهُ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْفَعُ كُتُبَهُ مَعَ رُسُلِهِ، وَيُسَيِّرُهَا إِلَى مَنْ يَكْتُبُ إِلَيْهِ، وَلَا يَقْرَؤُهَا عَلَى حَامِلِهَا، وَلَا يُقِيمُ عَلَيْهَا شَاهِدَيْنِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ هَدْيِهِ وَسُنَّتِهِ.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاسُوسِ]
ثَبَتَ أَنَّ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ لَمَّا جَسَّ عَلَيْهِ، سَأَلَهُ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ضَرْبَ عُنُقِهِ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ، وَقَالَ: " «مَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» ". وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ مُسْتَوْفًى.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا كَاتَبَ الْمُسْلِمُ أَهْلَ الْحَرْبِ، قُتِلَ، وَلَمْ يُسْتَتَبْ، وَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُجْلَدُ جَلْدًا وَجِيعًا، وَيُطَالُ حَبْسُهُ، وَيُنْفَى مِنْ مَوْضِعٍ يَقْرُبُ مِنَ الْكُفَّارِ. وَقَالَ ابن القاسم: يُقْتَلُ وَلَا يُعْرَفُ لِهَذَا تَوْبَةٌ، وَهُوَ كَالزِّنْدِيقِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وأبو حنيفة، وأحمد - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: لَا يُقْتَلُ، وَالْفَرِيقَانِ احْتَجُّوا بِقِصَّةِ حاطب، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَجْهِ احْتِجَاجِهِمْ، وَوَافَقَ ابن عقيل مِنْ أَصْحَابِ أحمد مالكا وَأَصْحَابَهُ.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ فِي الْأَسْرَى]
ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَسْرَى أَنَّهُ قَتَلَ بَعْضَهُمْ، وَمَنَّ عَلَى بَعْضِهِمْ، وَفَادَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute