قُلْتُ: وابن سمعان هو عبد الله بن زياد بن سمعان الكذاب، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ مَجْهُولٍ لَا يُعْرَفُ. قَالَ أبو محمد: وَالْأُخْرَى مِنْ طَرِيقِ عبد الرزاق، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ قيس بن سعد مولى أبي علقمة، عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ، (عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ: يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ، وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ سِوَى تِلْكَ الْحَيْضَةِ) .
قَالَ أبو محمد: بَلْ نَحْنُ أَسْعَدُ بِدَعْوَى الْإِجْمَاعِ هَاهُنَا لَوِ اسْتَجَزْنَا مَا يَسْتَجِيزُونَ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَاطِبَةً، وَمِنْ جُمْلَتِهِمْ جَمِيعُ الْمُخَالِفِينَ لَنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ أَوْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ بِدْعَةٌ نَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُخَالِفَةٌ لِأَمْرِهِ، فَإِذَا كَانَ لَا شَكَّ فِي هَذَا عِنْدَهُمْ، فَكَيْفَ يَسْتَجِيزُونَ الْحُكْمَ بِتَجْوِيزِ الْبِدْعَةِ الَّتِي يُقِرُّونَ أَنَّهَا بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ، أَلَيْسَ بِحُكْمِ الْمُشَاهَدَةِ مُجِيزُ الْبِدْعَةِ مُخَالِفًا لِإِجْمَاعِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا بِدْعَةٌ؟ قَالَ أبو محمد: وَحَتَّى لَوْ لَمْ يَبْلُغْنَا الْخِلَافُ، لَكَانَ الْقَاطِعُ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِمَا لَا يَقِينَ عِنْدَهُ وَلَا بَلَغَهُ عَنْ جَمِيعِهِمْ- كَاذِبًا عَلَى جَمِيعِهِمْ.
[أَدِلَّةُ الْمَانِعِينَ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ]
قَالَ الْمَانِعُونَ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ: لَا يُزَالُ النِّكَاحُ الْمُتَيَقَّنُ إِلَّا بِيَقِينٍ مِثْلِهِ مِنْ كِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إِجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ. فَإِذَا أَوَجَدْتُمُونَا وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، رَفَعْنَا حُكْمَ النِّكَاحِ بِهِ، لَا سَبِيلَ إِلَى رَفْعِهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ. قَالُوا: وَكَيْفَ وَالْأَدِلَّةُ الْمُتَكَاثِرَةُ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ، فَإِنَّ هَذَا الطَّلَاقَ لَمْ يَشْرَعْهُ اللَّهُ تَعَالَى الْبَتَّةَ، وَلَا أَذِنَ فِيهِ، فَلَيْسَ فِي شَرْعِهِ، فَكَيْفَ يُقَالُ بِنُفُوذِهِ وَصِحَّتِهِ؟ .
قَالُوا: وَإِنَّمَا يَقَعُ مِنَ الطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ مَا مَلَّكَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُطَلِّقِ، وَلِهَذَا لَا يَقَعُ بِهِ الرَّابِعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهَا إِيَّاهُ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ الطَّلَاقَ الْمُحَرَّمَ، وَلَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ، فَلَا يَصِحُّ، وَلَا يَقَعُ.
قَالُوا: وَلَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا جَائِزًا، فَطَلَّقَ طَلَاقًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute