مُحَرَّمًا لَمْ يَقَعْ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِيهِ، فَكَيْفَ كَانَ إِذْنُ الْمَخْلُوقِ مُعْتَبَرًا فِي صِحَّةِ إِيقَاعِ الطَّلَاقِ دُونَ إِذْنِ الشَّارِعِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُكَلَّفَ إِنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِالْإِذْنِ، فَمَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَا يَكُونُ مَحَلَّا لِلتَّصَرُّفِ الْبَتَّةَ.
قَالُوا: وَأَيْضًا فَالشَّارِعُ قَدْ حَجَرَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُطَلِّقَ فِي حَالِ الْحَيْضِ أَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ فِي الطُّهْرِ، فَلَوْ صَحَّ طَلَاقُهُ لَمْ يَكُنْ لِحَجْرِ الشَّارِعِ مَعْنًى، وَكَانَ حَجْرُ الْقَاضِي عَلَى مَنْ مَنَعَهُ التَّصَرُّفَ أَقْوَى مِنْ حَجْرِ الشَّارِعِ حَيْثُ يَبْطُلُ التَّصَرُّفُ بِحَجْرِهِ.
قَالُوا: وَبِهَذَا أَبْطَلْنَا الْبَيْعَ وَقْتَ النِّدَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ حَجَرَ الشَّارِعُ عَلَى بَائِعِهِ هَذَا الْوَقْتَ، فَلَا يَجُوزُ تَنْفِيذُهُ وَتَصْحِيحُهُ.
قَالُوا: وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ مُحَرَّمٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، فَلَوْ صَحَّحْنَاهُ لَكَانَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَالْمَأْذُونِ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ.
قَالُوا: وَأَيْضًا فَالشَّارِعُ إِنَّمَا نَهَى عَنْهُ وَحَرَّمَهُ، لِأَنَّهُ يُبْغِضُهُ، وَلَا يُحِبُّ وُقُوعَهُ، بَلْ وُقُوعُهُ مَكْرُوهٌ إِلَيْهِ، فَحَرَّمَهُ لِئَلَّا يَقَعَ مَا يُبْغِضُهُ وَيَكْرَهُهُ، وَفِي تَصْحِيحِهِ وَتَنْفِيذِهِ ضِدُّ هَذَا الْمَقْصُودِ.
قَالُوا: وَإِذَا كَانَ النِّكَاحُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ لَا يَصِحُّ لِأَجْلِ النَّهْيِ، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ، وَكَيْفَ أَبْطَلْتُمْ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنَ النِّكَاحِ، وَصَحَّحْتُمْ مَا حَرَّمَهُ وَنَهَى عَنْهُ مِنَ الطَّلَاقِ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ؟
قَالُوا: وَيَكْفِينَا مِنْ هَذَا حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَامُّ الَّذِي لَا تَخْصِيصَ فِيهِ بِرَدِّ مَا خَالَفَ أَمْرَهُ وَإِبْطَالِهِ وَإِلْغَائِهِ، كَمَا فِي " الصَّحِيحِ " عَنْهُ، مِنْ حَدِيثِ عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: ( «كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ) ، وَفِي رِوَايَةٍ ( «مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute