الْعُمْرَةَ إِلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ وَوَفَّرَ نَفْسَهُ عَلَى تِلْكَ الْعِبَادَاتِ فِي رَمَضَانَ مَعَ مَا فِي تَرْكِ ذَلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ بِأُمَّتِهِ وَالرَّأْفَةِ بِهِمْ، فَإِنَّهُ لَوِ اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ لَبَادَرَتِ الْأُمَّةُ إِلَى ذَلِكَ، وَكَانَ يَشُقُّ عَلَيْهَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالصَّوْمِ وَرُبَّمَا لَا تَسْمَحُ أَكْثَرُ النُّفُوسِ بِالْفِطْرِ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ حِرْصًا عَلَى تَحْصِيلِ الْعُمْرَةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ، فَتَحْصُلُ الْمَشَقَّةُ، فَأَخَّرَهَا إِلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَقَدْ كَانَ يَتْرُكُ كَثِيرًا مِنَ الْعَمَلِ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَهُ خَشْيَةَ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ.
وَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ خَرَجَ مِنْهُ حَزِينًا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: ( «إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ قَدْ شَقَقْتُ عَلَى أُمَّتِي» ) ، وَهَمَّ أَنْ يَنْزِلَ يَسْتَسْقِي مَعَ سُقَاةِ زَمْزَمَ لِلْحَاجِّ، فَخَافَ أَنْ يُغْلَبَ أَهْلُهَا عَلَى سِقَايَتِهِمْ بَعْدَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[لَمْ يَعْتَمِرْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً]
فَصْلٌ
وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اعْتَمَرَ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَمْ يَعْتَمِرْ فِي سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ، وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ اعْتَمَرَ فِي سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ، وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ أبو داود فِي " سُنَنِهِ " عَنْ عائشة، ( «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اعْتَمَرَ عُمْرَتَيْنِ: عُمْرَةً فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً فِي شَوَّالٍ» ) قَالُوا: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا ذِكْرَ مَجْمُوعِ مَا اعْتَمَرَ، فَإِنَّ أنسا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute