للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ فِي الْجِهَادِ، وَمُقَاتَلَةِ الْعَدُوِّ ذِي الشَّوْكَةِ وَالْبَأْسِ.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ دَخَلَ فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ الَّتِي رَآهَا، وَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ، وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، وَهَذَا هُوَ إِعَادَتُهُ إِلَى الْأَرْضِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ} [طه: ٥٥] [طه: ١٥٥] ، فَأَوَّلَ الْمَرْأَةَ بِالْأَرْضِ إِذْ كِلَاهُمَا مَحَلُّ الْوَطْءِ، وَأَوَّلَ دُخُولَهُ فِي فَرْجِهَا بِعَوْدِهِ إِلَيْهَا كَمَا خُلِقَ مِنْهَا، وَأَوَّلَ الطَّائِرَ الَّذِي خَرَجَ مِنْ فِيهِ بِرُوحِهِ، فَإِنَّهَا كَالطَّائِرِ الْمَحْبُوسِ فِي الْبَدَنِ، فَإِذَا خَرَجَتْ مِنْهُ كَانَتْ كَالطَّائِرِ الَّذِي فَارَقَ حَبْسَهُ، فَذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ، وَلِهَذَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «أَنَّ نَسَمَةَ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلَقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ» ) ، وَهَذَا هُوَ الطَّائِرُ الَّذِي رُئِيَ دَاخِلًا فِي قَبْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا دُفِنَ، وَسُمِعَ قَارِئٌ يَقْرَأُ: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: ٢٧] [الْفَجْرِ: ٢٧] . وَعَلَى حَسَبِ بَيَاضِ هَذَا الطَّائِرِ وَسَوَادِهِ وَحُسْنِهِ وَقُبْحِهِ تَكُونُ الرُّوحُ، وَلِهَذَا كَانَتْ أَرْوَاحُ آلِ فِرْعَوْنَ فِي صُورَةِ طُيُورٍ سُودٍ تَرِدُ النَّارَ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، وَأَوَّلَ طَلَبَ ابْنِهِ لَهُ بِاجْتِهَادِهِ فِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ فِي الشَّهَادَةِ وَحَبْسَهُ عَنْهُ هُوَ مُدَّةُ حَيَاتِهِ بَيْنَ وَقْعَةِ الْيَمَامَةِ وَالْيَرْمُوكِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ نَجْرَانَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]

[قُدُومِ وَفْدِ نَجْرَانَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]

فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ نَجْرَانَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَفَدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفْدُ نَصَارَى نَجْرَانَ بِالْمَدِينَةِ، فَحَدَّثَنِي محمد بن جعفر بن الزبير، قَالَ: ( «لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلُوا عَلَيْهِ مَسْجِدَهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، فَحَانَتْ صَلَاتُهُمْ، فَقَامُوا يُصَلُّونَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>