فَمِنْهُ الْبَلَاءُ وَمِنْهُ الْإِعَانَةُ، وَمِنْهُ مَا يَطْلُبُ النَّجَاةَ مِنْهُ، وَإِلَيْهِ الِالْتِجَاءُ فِي النَّجَاةِ، فَهُوَ الَّذِي يُلْجَأُ إِلَيْهِ فِي أَنْ يُنْجِيَ مِمَّا مِنْهُ، وَيُسْتَعَاذُ بِهِ مِمَّا مِنْهُ، فَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ} [الأنعام: ١٧] [سُورَةُ الْأَنْعَامِ الْآيَةُ: ١٧] {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} [الأحزاب: ١٧] [سُورَةُ الْأَحْزَابِ، الْآيَةُ: ١٧] ، ثُمَّ خَتَمَ الدُّعَاءَ بِالْإِقْرَارِ بِالْإِيمَانِ بِكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ الَّذِي هُوَ مَلَاكُ النَّجَاةِ، وَالْفَوْزِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَهَذَا هَدْيُهُ فِي نَوْمِهِ.
لَوْ لَمْ يَقُلْ إِنِّي رَسُولٌ لَكَا ... نَ شَاهِدٌ فِي هَدْيِهِ يَنْطِقُ
[فَصْلٌ هَدْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْيَقَظَةِ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا هَدْيُهُ فِي يَقَظَتِهِ، فَكَانَ يَسْتَيْقِظُ إِذَا صَاحَ الصَّارِخُ وَهُوَ الدِّيكُ، فَيَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُكَبِّرُهُ وَيُهَلِّلُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يَسْتَاكُ، ثُمَّ يَقُومُ إِلَى وُضُوئِهِ، ثُمَّ يَقِفُ لِلصَّلَاةِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ، مُنَاجِيًا لَهُ بِكَلَامِهِ، مُثْنِيًا عَلَيْهِ رَاجِيًا لَهُ رَاغِبًا رَاهِبًا، فَأَيُّ حِفْظٍ لِصِحَّةِ الْقَلْبِ وَالْبَدَنِ وَالرُّوحِ وَالْقُوَى وَلِنَعِيمِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَوْقَ هَذَا.
[فَصْلٌ هَدْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّيَاضَةِ]
وَأَمَّا تَدْبِيرُ الْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، وَهُوَ الرِّيَاضَةُ، فَنَذْكُرُ مِنْهَا فَصْلًا يُعْلَمُ مِنْهُ مُطَابَقَةُ هَدْيِهِ فِي ذَلِكَ لِأَكْمَلِ أَنْوَاعِهِ وَأَحْمَدِهَا وَأَصْوَبِهَا، فَنَقُولُ:
مِنَ الْمَعْلُومِ افْتِقَارُ الْبَدَنِ فِي بَقَائِهِ إِلَى الْغِذَاءِ وَالشَّرَابِ، وَلَا يَصِيرُ الْغِذَاءُ بِجُمْلَتِهِ جُزْءًا مِنَ الْبَدَنِ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى مِنْهُ عِنْدَ كُلِّ هَضْمٍ بَقِيَّةٌ مَا، إِذَا كَثُرَتْ عَلَى مَمَرِّ الزَّمَانِ اجْتَمَعَ مِنْهَا شَيْءٌ لَهُ كَمِّيَّةٌ وَكَيْفِيَّةٌ، فَيَضُرُّ بِكَمِّيَّتِهِ بِأَنْ يَسُدَّ وَيُثْقِلَ الْبَدَنَ، وَيُوجِبَ أَمْرَاضَ الِاحْتِبَاسِ، وَإِنِ اسْتَفْرَغَ تَأَذَّى الْبَدَنُ بِالْأَدْوِيَةِ، لِأَنَّ أَكْثَرَهَا سُمِّيَّةٌ، وَلَا تَخْلُو مِنْ إِخْرَاجِ الصَّالِحِ الْمُنْتَفَعِ بِهِ، وَيَضُرُّ بِكَيْفِيَّتِهِ بِأَنْ يُسَخِّنَ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِالْعَفَنِ، أَوْ يُبَرِّدَ بِنَفْسِهِ، أَوْ يُضْعِفَ الْحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةَ عَنْ إِنْضَاجِهِ.
وَسُدَدُ الْفَضَلَاتِ لَا مَحَالَةَ ضَارَّةٌ تُرِكَتْ، أَوِ اسْتُفْرِغَتْ، وَالْحَرَكَةُ أَقْوَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute