وَيُجَابُ عَنْ تَقْدِيمِ خَالَةِ ابنة حمزة عَلَى عَمَّتِهَا بِأَنَّ الْعَمَّةَ لَمْ تَطْلُبِ الْحَضَانَةَ، وَالْحَضَانَةُ حَقٌّ لَهَا يُقْضَى لَهَا بِهِ بِطَلَبِهِ، بِخِلَافِ الْخَالَةِ، فَإِنَّ جعفرا كَانَ نَائِبًا عَنْهَا فِي طَلَبِ الْحَضَانَةِ، وَلِهَذَا قَضَى بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا فِي غَيْبَتِهَا.
وَأَيْضًا فَكَمَا أَنَّ لِقَرَابَةِ الطِّفْلِ أَنْ يَمْنَعَ الْحَاضِنَةَ مِنْ حَضَانَةِ الطِّفْلِ إِذَا تَزَوَّجَتْ، فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ أَخْذِهِ وَتَفَرُّغِهَا لَهُ، فَإِذَا رَضِيَ الزَّوْجُ بِأَخْذِهِ حَيْثُ لَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا لِقَرَابَتِهِ، أَوْ لِكَوْنِ الطِّفْلِ أُنْثَى عَلَى رِوَايَةٍ، مُكِّنَتْ مِنْ أَخْذِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَالْحَقُّ لَهُ وَالزَّوْجُ هَاهُنَا قَدْ رَضِيَ وَخَاصَمَ فِي الْقِصَّةِ، وصفية لَمْ يَكُنْ مِنْهَا طَلَبٌ.
وَأَيْضًا فَابْنُ الْعَمِّ لَهُ حَضَانَةُ الْجَارِيَةِ الَّتِي لَا تُشْتَهَى فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، بَلْ وَإِنْ كَانَتْ تُشْتَهَى، فَلَهُ حَضَانَتُهَا أَيْضًا، وَتُسَلَّمُ إِلَى امْرَأَةٍ ثِقَةٍ يَخْتَارُهَا هُوَ، أَوْ إِلَى مَحْرَمِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ عَصَبَاتِهَا، وَهُوَ أَوْلَى منَ الْأَجَانِبِ وَالْحَاكِمِ، وَهَذِهِ إِنْ كَانَتْ طِفْلَةً فَلَا إِشْكَالَ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُشْتَهَى، فَقَدْ سُلِّمَتْ إِلَى خَالَتِهَا، فَهِيَ وَزَوْجُهَا مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُ زيد: ابْنَةُ أَخِي، يُرِيدُ الْإِخَاءَ الَّذِي عَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُ وَبَيْنَ حمزة لَمَّا وَاخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنَّهُ وَاخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ مَرَّتَيْنِ، فَوَاخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ عَلَى الْحَقِّ، وَالْمُوَاسَاةِ، وَآخَى بَيْنَ أبي بكر وعمر، وَبَيْنَ حمزة وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَبَيْنَ عثمان وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَبَيْنَ الزبير وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَبَيْنَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وبلال، وَبَيْنَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَبَيْنَ أبي عبيدة وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَبَيْنَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ.
وَالْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ: آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بَعْدَ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ.
[فصل في الِاخْتِلَافُ فِي تَسْمِيَتِهَا بِعُمْرَةِ الْقَضَاءِ]
فَصْلٌ
وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَةِ هَذِهِ الْعُمْرَةِ بِعُمْرَةِ الْقَضَاءِ، هَلْ هُوَ لِكَوْنِهَا قَضَاءً لِلْعُمْرَةِ الَّتِي صُدُّوا عَنْهَا أَوْ مِنَ الْمُقَاضَاةِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ تَقَدَّمَا، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute