أَحَدُهَا: تَسْقُطُ بِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَهُوَ قَوْلُ مالك، وَالشَّافِعِيِّ، وأبي حنيفة، وأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُ.
وَالثَّانِي: لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ، وَهُوَ قَوْلُ الحسن وَابْنِ حَزْمٍ.
وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ الطِّفْلُ بِنْتًا، لَمْ تَسْقُطِ الْحَضَانَةُ، وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا سَقَطَتْ، وَهَذِهِ رِوَايَةٌ عَنْ أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا: إِذَا تَزَوَّجَتِ الْأُمُّ وَابْنُهَا صَغِيرٌ، أُخِذَ مِنْهَا، قِيلَ لَهُ: وَالْجَارِيَةُ مِثْلُ الصَّبِيِّ؟ قَالَ: لَا، الْجَارِيَةُ تَكُونُ مَعَهَا إِلَى سَبْعِ سِنِينَ، وَحَكَى ابن أبي موسى رِوَايَةً أُخْرَى عَنْهُ: أَنَّهَا أَحَقُّ بِالْبِنْتِ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّهَا إِذَا تَزَوَّجَتْ بِنَسِيبٍ منَ الطِّفْلِ، لَمْ تَسْقُطْ حَضَانَتُهَا، وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ سَقَطَتْ، ثُمَّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَكْفِي كَوْنُهُ نَسِيبًا فَقَطْ، مَحْرَمًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِ أحمد وَإِطْلَاقِهِمْ.
الثَّانِي: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعَ ذَلِكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطِّفْلِ وِلَادَةٌ، بِأَنْ يَكُونَ جَدًّا لِلطِّفْلِ، وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ أحمد ومالك وَالشَّافِعِيِّ.
وَفِي الْقِصَّةِ حُجَّةٌ لِمَنْ قَدَّمَ الْخَالَةَ عَلَى الْعَمَّةِ، وَقَرَابَةَ الْأُمِّ عَلَى قَرَابَةِ الْأَبِ، فَإِنَّهُ قَضَى بِهَا لِخَالَتِهَا، وَقَدْ كَانَتْ صفية عَمَّتُهَا مَوْجُودَةً إِذْ ذَاكَ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ومالك وأبي حنيفة، وأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ.
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ: أَنَّ الْعَمَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْخَالَةِ - وَهِيَ اخْتِيَارُ شَيْخِنَا - وَكَذَلِكَ نِسَاءُ الْأَبِ يُقَدَّمْنَ عَلَى نِسَاءِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَى الطِّفْلِ فِي الْأَصْلِ لِلْأَبِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ عَلَيْهِ الْأُمُّ لِمَصْلَحَةِ الطِّفْلِ، وَكَمَالِ تَرْبِيَتِهِ وَشَفَقَتِهَا وَحُنُوِّهَا، وَالْإِنَاثُ أَقْوَمُ بِذَلِكَ منَ الرِّجَالِ، فَإِذَا صَارَ الْأَمْرُ إِلَى النِّسَاءِ فَقَطْ أَوِ الرِّجَالِ فَقَطْ، كَانَتْ قَرَابَةُ الْأَبِ أَوْلَى مِنْ قَرَابَةِ الْأُمِّ، كَمَا يَكُونُ الْأَبُ أَوْلَى مِنْ كُلِّ ذَكَرٍ سِوَاهُ، وَهَذَا قَوِيٌّ جِدًّا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute