وَقَدْ سَلَكَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَسْلَكًا آخَرَ فَقَالَ: قَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْقَصْدَ مُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ مَعَ الْإِتْيَانِ بِهَا، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا بِنَقْلِ الْعَاشِرِ إِلَى التَّاسِعِ، أَوْ بِصِيَامِهِمَا مَعًا. وَقَوْلُهُ: ( «إِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ صُمْنَا التَّاسِعَ» ) يَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ. فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَنَا مُرَادُهُ، فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ صِيَامَ الْيَوْمَيْنِ مَعًا، وَالطَّرِيقَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا أَصْوَبُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَمَجْمُوعُ أَحَادِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَيْهَا تَدُلُّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ أحمد: ( «خَالِفُوا الْيَهُودَ، صُومُوا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ» ) وَقَوْلَهُ فِي حَدِيثِ الترمذي: ( «أُمِرْنَا بِصِيَامِ عَاشُورَاءَ يَوْمَ الْعَاشِرِ» ) يُبَيِّنُ صِحَّةَ الطَّرِيقَةِ الَّتِي سَلَكْنَاهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ]
فَصْلٌ
وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِفْطَارُ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ، ثَبَتَ عَنْهُ ذَلِكَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ ".
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ ( «نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ» ) ، رَوَاهُ عَنْهُ أَهْلُ السُّنَنِ. وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّ ( «صِيَامَهُ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ» ) ، ذَكَرَهُ مسلم.
وَقَدْ ذُكِرَ لِفِطْرِهِ بِعَرَفَةَ عِدَّةُ حِكَمٍ.
مِنْهَا أَنَّهُ أَقْوَى عَلَى الدُّعَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute