وَالْبُيُوعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا تَرْجِعُ إِلَى هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ؛ وَلِهَذَا فُسِّرَ بَيْعُ الْحَصَاةِ بِأَنْ يَقُولَ: ارْمِ هَذِهِ الْحَصَاةَ، فَعَلَى أَيِّ ثَوْبٍ وَقَعَتْ فَهُوَ لَكَ بِدِرْهَمٍ، وَفُسِّرَ بِأَنَّ بَيْعَهُ مِنْ أَرْضِهِ قَدْرَ مَا انْتَهَتْ إِلَيْهِ رَمْيَةُ الْحَصَاةِ، وَفُسِّرَ بِأَنْ يَقْبِضَ عَلَى كَفٍّ مِنْ حَصًا، وَيَقُولُ: لِي بِعَدَدِ مَا خَرَجَ فِي الْقَبْضَةِ مِنَ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ، أَوْ يَبِيعُهُ سِلْعَةً، وَيَقْبِضُ عَلَى كَفٍّ مِنَ الْحَصَا، وَيَقُولُ: لِي بِكُلِّ حَصَاةٍ دِرْهَمٌ، وَفُسِّرَ بِأَنْ يُمْسِكَ أَحَدُهُمَا حَصَاةً فِي يَدِهِ، وَيَقُولُ: أَيُّ وَقْتٍ سَقَطَتِ الْحَصَاةُ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَفُسِّرَ بِأَنْ يَتَبَايَعَا، وَيَقُولَ أَحَدُهُمَا: إِذَا نَبَذْتُ إِلَيْكَ الْحَصَاةَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَفُسِّرَ بِأَنْ يَعْتَرِضَ الْقَطِيعَ مِنَ الْغَنَمِ، فَيَأْخُذُ حَصَاةً، وَيَقُولُ: أَيَّ شَاةٍ أَصَبْتَهَا فَهِيَ لَكَ بِكَذَا، وَهَذِهِ الصُّوَرُ كُلُّهَا فَاسِدَةٌ لِمَا تَتَضَمَّنُهُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَمِنَ الْغَرَرِ وَالْخَطَرِ الَّذِي هُوَ شَبِيهٌ بِالْقِمَارِ.
[فصل بَيْعُ الْغَرَرِ]
فَصْلٌ.
وَأَمَّا بَيْعُ الْغَرَرِ، فَمِنْ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إِلَى مَفْعُولِهِ كَبَيْعِ الْمَلَاقِيحِ وَالْمَضَامِينِ، وَالْغَرَرُ: هُوَ الْمَبِيعُ نَفْسُهُ، وَهُوَ فِعْلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، أَيْ: مَغْرُورٍ بِهِ كَالْقَبْضِ وَالسَّلْبِ بِمَعْنَى الْمَقْبُوضِ وَالْمَسْلُوبِ، وَهَذَا كَبَيْعِ الْعَبْدِ الْآبِقِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَالْفَرَسِ الشَّارِدِ، وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ، وَكَبَيْعِ ضَرْبَةِ الْغَائِصِ وَمَا تَحْمِلُ شَجَرَتُهُ أَوْ نَاقَتُهُ، أَوْ مَا يَرْضَى لَهُ بِهِ زَيْدٌ، أَوْ يَهَبُهُ لَهُ، أَوْ يُورِثُهُ إِيَّاهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُعْلَمُ حُصُولُهُ أَوْ لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، أَوْ لَا يُعْرَفُ حَقِيقَتُهُ وَمِقْدَارُهُ، وَمِنْهُ بَيْعُ حَبَلِ الْحَبَلَةِ، كَمَا ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ، وَهُوَ نِتَاجُ النِّتَاجِ فِي أَحَدِ الْأَقْوَالِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَجَلٌ، فَكَانُوا يَتَبَايَعُونَ إِلَيْهِ، هَكَذَا رَوَاهُ مسلم، وَكِلَاهُمَا غَرَرٌ، وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ بَيْعُ حَمْلِ الْكَرْمِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ، قَالَهُ الْمُبَرِّدُ.
قَالَ: وَالْحَبَلَةُ: الْكَرْمُ بِسُكُونِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا، وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِنَّهُ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute