للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اخْتِيَارُ الْأَسْمَاءِ الْحَسَنَةِ لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ قَوَالِبُ لِلْمَعَانِي]

فَصْلٌ فِي فِقْهِ هَذَا الْبَابِ

لَمَّا كَانَتِ الْأَسْمَاءُ قَوَالِبَ لِلْمَعَانِي، وَدَالَّةً عَلَيْهَا، اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا ارْتِبَاطٌ وَتَنَاسُبٌ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمَعْنَى مَعَهَا بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ الْمَحْضِ الَّذِي لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهَا، فَإِنَّ حِكْمَةَ الْحَكِيمِ تَأْبَى ذَلِكَ، وَالْوَاقِعُ يَشْهَدُ بِخِلَافِهِ، بَلْ لِلْأَسْمَاءِ تَأْثِيرٌ فِي الْمُسَمَّيَاتِ، وَلِلْمُسَمَّيَاتِ تَأَثُّرٌ عَنْ أَسْمَائِهَا فِي الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ، وَالْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ، وَاللَّطَافَةِ وَالْكَثَافَةِ كَمَا قِيلَ:

وَقَلَّمَا أَبْصَرَتْ عَيْنَاكَ ذَا لَقَبٍ ... إِلَّا وَمَعْنَاهُ إِنْ فَكَّرْتَ فِي لَقَبِهْ

( «وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِبُّ الِاسْمَ الْحَسَنِ، وَأَمَرَ إِذَا أَبْرَدُوا إِلَيْهِ بَرِيدًا أَنْ يَكُونَ حَسَنَ الِاسْمِ حَسَنَ الْوَجْهِ» )

وَكَانَ يَأْخُذُ الْمَعَانِيَ مِنْ أَسْمَائِهَا فِي الْمَنَامِ وَالْيَقَظَةِ كَمَا ( «رَأَى أَنَّهُ وَأَصْحَابَهُ فِي دَارِ عقبة بن رافع، فَأُتُوا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابَ، فَأَوَّلَهُ بِأَنَّ لَهُمُ الرِّفْعَةَ فِي الدُّنْيَا، وَالْعَاقِبَةَ فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّ الدِّينَ الَّذِي قَدِ اخْتَارَهُ اللَّهُ لَهُمْ قَدْ أَرْطَبَ وَطَابَ، وَتَأَوَّلَ سُهُولَةَ أَمْرِهِمْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ مَجِيءِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو إِلَيْهِ» ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>