للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ تَخْيِيرُ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ إِذَا أُعْتِقَتْ وَزَوْجُهَا عَبْدٌ]

فَصْلٌ وَفِي الْقِصَّةِ مِنَ الْفِقْهِ تَخْيِيرُ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ إِذَا أُعْتِقَتْ وَزَوْجُهَا عَبْدٌ، وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي زَوْجِ بريرة، هَلْ كَانَ عَبْدًا أَوْ حُرًّا؟ .

فَقَالَ القاسم عَنْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (كَانَ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا) وَقَالَ عروة عَنْهَا: كَانَ حُرًّا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ مغيث، عَبْدًا لِبَنِي فُلَانٍ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ وَرَاءَهَا فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ) وَكُلُّ هَذَا فِي الصَّحِيحِ.

وَفِي " سُنَنِ أبي داود " عَنْ عروة عَنْ عائشة كَانَ عَبْدًا لِآلِ أَبِي أَحْمَدَ فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهَا: ( «إِنْ قَرُبَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ» ) .

وَفِي " مُسْنَدِ أحمد " عَنْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَنَّ بريرة كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَلَمَّا أَعْتَقَتْهَا، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اخْتَارِي فَإِنْ شِئْتِ أَنْ تَمْكُثِي تَحْتَ هَذَا الْعَبْدِ وَإِنْ شِئْتِ أَنْ تُفَارِقِيهِ» ) .

وَقَدْ رُوِيَ فِي " الصَّحِيحِ ": أَنَّهُ كَانَ حُرًّا.

وَأَصَحُّ الرِّوَايَاتِ وَأَكْثَرُهَا: أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَهَذَا الْخَبَرُ رَوَاهُ عَنْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ثَلَاثَةٌ الأسود وعروة والقاسم، أَمَّا الأسود فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَنْهُ عَنْ عائشة أَنَّهُ كَانَ حُرًّا، وَأَمَّا عروة فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ صَحِيحَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ كَانَ حُرًّا، وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا، وَأَمَّا عبد الرحمن بن القاسم فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ صَحِيحَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ كَانَ حُرًّا، وَالثَّانِيَةُ: الشَّكُّ. قَالَ داود بن مقاتل وَلَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا.

وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَخْيِيرِ الْأَمَةِ إِذَا أُعْتِقَتْ وَزَوْجُهَا عَبْدٌ، وَاخْتَلَفُوا إِذَا كَانَ حُرًّا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ ومالك وأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ: لَا تَخْيِيرَ. وَقَالَ أبو

<<  <  ج: ص:  >  >>