فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ إِذَا كَانَ فَقِيرًا لَهُ عِيَالٌ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا أَنْ يَصْرِفَهَا إِلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ؟ قِيلَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، لِعَدَمِ الْإِخْرَاجِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ لِلْإِمَامِ أَوِ السَّاعِي أَنْ يَدْفَعَ زَكَاتَهُ إِلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهَا مِنْهُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أحمد. فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ لَهُ أَنْ يُسْقِطَهَا عَنْهُ؟ قِيلَ لَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ. فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ فِي التَّكْفِيرِ بِالْعِتْقِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ نَفْسَهُ؟ قِيلَ: اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيمَا إِذَا أَذِنَ لَهُ فِي التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ، هَلْ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنِ الصِّيَامِ إِلَيْهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَفَرْضُهُ الصِّيَامُ، وَالثَّانِيَةُ لَهُ الِانْتِقَالُ إِلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ السَّيِّدِ وَقَدْ أَذِنَ فِيهِ، فَإِذَا قُلْنَا: لَهُ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ الْعِتْقُ؟ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ فَعَنْهُ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ، وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ، وَالْعِتْقُ يَعْتَمِدُ الْوَلَاءَ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ لَهُ الْإِعْتَاقَ، فَعَلَى هَذَا هَلْ لَهُ عِتْقُ نَفْسِهِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي الْمَذْهَبِ، وَوَجْهُ الْجَوَازِ إِطْلَاقُ الْإِذْنِ، وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ الْإِذْنَ فِي الْإِعْتَاقِ يَنْصَرِفُ إِلَى إِعْتَاقِ غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ انْصَرَفَ الْإِذْنُ إِلَى الصَّدَقَةِ عَلَى غَيْرِهِ.
[فَصْلٌ لَا يَجُوزُ وَطْءُ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ]
فَصْلٌ
وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَطْءُ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ هَاهُنَا فِي مَوْضِعَيْنِ. أَحَدُهُمَا: هَلْ لَهُ مُبَاشَرَتُهَا دُونَ الْفَرْجِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ أَمْ لَا؟ وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِذَا كَانَتْ كَفَّارَتُهُ الْإِطْعَامَ فَهَلْ لَهُ الْوَطْءُ قَبْلَهُ أَمْ لَا؟ وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَانِ لِلْفُقَهَاءِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أحمد، وَقَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ.
وَوَجْهُ مَنْعِ الِاسْتِمْتَاعِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] ؛ وَلِأَنَّهُ شَبَّهَهَا بِمَنْ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا، وَدَوَاعِيهِ، وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّ التَّمَاسَّ كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ الْجِمَاعِ تَحْرِيمُ دَوَاعِيهِ، فَإِنَّ الْحَائِضَ يَحْرُمُ جِمَاعُهَا دُونَ دَوَاعِيهِ، وَالصَّائِمَ يَحْرُمُ مِنْهُ الْوَطْءُ دُونَ دَوَاعِيهِ، وَالْمَسْبِيَّةَ يَحْرُمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute