الْأَصْعَبِ وَيَتَدَرَّجُ مِنَ الْأَضْعَفِ إِلَى الْأَقْوَى، إِلَّا أَنْ يَخَافَ فَوْتَ الْقُوَّةِ حِينَئِذٍ، فَيَجِبُ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالْأَقْوَى، وَلَا يُقِيمَ فِي الْمُعَالَجَةِ عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ، فَتَأْلَفُهَا الطَّبِيعَةُ وَيَقِلُّ انْفِعَالُهَا عَنْهُ، وَلَا تَجْسُرُ عَلَى الْأَدْوِيَةِ الْقَوِيَّةِ فِي الْفُصُولِ الْقَوِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَهُ الْعِلَاجُ بِالْغِذَاءِ، فَلَا يُعَالِجُ بِالدَّوَاءِ، وَإِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْمَرَضُ أَحَارٌّ هُوَ أَمْ بَارِدٌ؟ فَلَا يُقْدِمُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ، وَلَا يُجَرِّبُهُ بِمَا يَخَافُ عَاقِبَتَهُ، وَلَا بَأْسَ بِتَجْرِبَتِهِ بِمَا لَا يَضُرُّ أَثَرُهُ.
وَإِذَا اجْتَمَعَتْ أَمْرَاضٌ، بَدَأَ بِمَا تَخُصُّهُ وَاحِدَةٌ مِنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ:
إِحْدَاهَا: أَنْ يَكُونَ بُرْءُ الْآخَرِ مَوْقُوفًا عَلَى بُرْئِهِ كَالْوَرَمِ وَالْقُرْحَةِ، فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالْوَرَمِ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهَا سَبَبًا لِلْآخَرِ، كَالسُّدَّةِ وَالْحُمَّى الْعَفِنَةِ، فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِإِزَالَةِ السَّبَبِ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَهَمَّ مِنَ الْآخَرِ كَالْحَادِّ وَالْمُزْمِنِ، فَيَبْدَأُ بِالْحَادِّ، وَمَعَ هَذَا فَلَا يَغْفُلُ عَنِ الْآخَرِ. وَإِذَا اجْتَمَعَ الْمَرَضُ وَالْعَرَضُ بَدَأَ بِالْمَرَضِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَرَضُ أَقْوَى كَالْقُولَنْجِ، فَيُسَكِّنَ الْوَجَعَ أَوَّلًا ثُمَّ يُعَالِجَ السُّدَّةَ، وَإِذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَعْتَاضَ عَنِ الْمُعَالَجَةِ بِالِاسْتِفْرَاغِ بِالْجُوعِ أَوِ الصَّوْمِ أَوِ النَّوْمِ لَمْ يَسْتَفْرِغْهُ، وَكُلُّ صِحَّةٍ أَرَادَ حِفْظَهَا حَفِظَهَا بِالْمِثْلِ أَوِ الشَّبَهِ، وَإِنْ أَرَادَ نَقْلَهَا إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا نَقَلَهَا بِالضِّدِّ.
[فصل هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّحَرُّزِ مِنَ الْأَدْوَاءِ الْمُعْدِيَةِ بِطَبْعِهَا وَإِرْشَادِهِ الْأَصِحَّاءَ إِلَى مُجَانَبَةِ أَهْلِهَا]
فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّحَرُّزِ مِنَ الْأَدْوَاءِ الْمُعْدِيَةِ بِطَبْعِهَا وَإِرْشَادِهِ الْأَصِحَّاءَ إِلَى مُجَانَبَةِ أَهْلِهَا
ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مسلم " مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ ( «كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute