للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ) ، فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ، ( «وَأَقَرَّ عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ بِشَطْرِ مَالِهِ» ) ، وَمَنَعَ صَاحِبَ الصُّرَّةِ مِنَ التَّصَدُّقِ بِهَا، وَقَالَ لِكَعْبٍ: ( «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ» ) ، وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ تَعْيِينُ الْمُخْرَجِ بِأَنَّهُ الثُّلُثُ، وَيَبْعُدُ جِدًّا بِأَنْ يَكُونَ الْمُمْسَكُ ضِعْفَيِ الْمُخْرَجِ فِي هَذَا اللَّفْظِ، «وَقَالَ لأبي لبابة: (يُجْزِئُكَ الثُّلُثُ) » ، وَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، وَعَلَى هَذَا فَمَنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ كُلِّهِ أَمْسَكَ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ هُوَ وَأَهْلُهُ، وَلَا يَحْتَاجُونَ مَعَهُ إِلَى سُؤَالِ النَّاسِ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ مِنْ رَأْسِ مَالٍ أَوْ عَقَارٍ، أَوْ أَرْضٍ يَقُومُ مَغَلُّهَا بِكِفَايَتِهِمْ، وَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: يَتَصَدَّقُ مِنْهُ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ، وَيُمْسِكُ الْبَاقِيَ. وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: إِنْ كَانَ أَلْفَيْنِ فَأَكْثَرَ أَخْرَجَ عُشُرَهُ وَإِنْ كَانَ أَلْفًا، فَمَا دُونَ فَسُبُعَهُ وَإِنْ كَانَ خَمْسَمِائَةٍ فَمَا دُونَ فَخُمُسَهُ. وَقَالَ أبو حنيفة رَحِمَهُ اللَّهُ: يَتَصَدَّقُ بِكُلِّ مَالِهِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَمَا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: أَحَدُهُمَا: يُخْرِجُهُ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ شَيْءٌ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَلْزَمُهُ الصَّدَقَةُ بِمَالِهِ كُلِّهِ، وَقَالَ مالك وَالزُّهْرِيُّ وأحمد: يَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَقَطْ.

[فَصْلٌ في عَظَمَةُ الصِّدْقِ]

فَصْلٌ

وَمِنْهَا: عِظَمُ مِقْدَارِ الصِّدْقِ، وَتَعْلِيقُ سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالنَّجَاةِ مِنْ شَرِّهِمَا بِهِ، فَمَا أَنْجَى اللَّهُ مَنْ أَنْجَاهُ إِلَّا بِالصِّدْقِ، وَلَا أَهْلَكَ مَنْ أَهْلَكَهُ إِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>