للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَاحِيَةِ الْعَسْكَرِ، فَكَبِّرَا وَشِدَّا مَعِي، فَوَاللَّهِ إِنَّا كَذَلِكَ نَنْتَظِرُ أَنْ نَرَى غِرَّةً أَوْ نَرَى شَيْئًا، وَقَدْ غَشِيَنَا اللَّيْلُ حَتَّى ذَهَبَتْ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ، وَقَدْ كَانَ لَهُمْ رَاعٍ قَدْ سَرَحَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِمْ، حَتَّى تَخَوَّفُوا عَلَيْهِ، فَقَامَ صَاحِبُهُمْ رفاعة بن قيس، فَأَخَذَ سَيْفَهُ فَجَعَلَهُ فِي عُنُقِهِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَأَتْبَعَنَّ أَثَرَ رَاعِينَا هَذَا، وَاللَّهِ لَقَدْ أَصَابَهُ شَرٌّ، فَقَالَ نَفَرٌ مِمَّنْ مَعَهُ: وَاللَّهِ لَا تَذْهَبُ نَحْنُ نَكْفِيكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَذْهَبُ إِلَّا أَنَا.

قَالُوا: فَنَحْنُ مَعَكَ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَتْبَعُنِي مِنْكُمْ أَحَدٌ، وَخَرَجَ حَتَّى يَمُرَّ بِي، فَلَمَّا أَمْكَنَنِي نَفَحْتُهُ بِسَهْمٍ فَوَضَعْتُهُ فِي فُؤَادِهِ، فَوَاللَّهِ مَا تَكَلَّمَ، فَوَثَبْتُ إِلَيْهِ فَاحْتَزَزْتُ رَأْسَهُ، ثُمَّ شَدَدْتُ فِي نَاحِيَةِ الْعَسْكَرِ، وَكَبَّرْتُ، وَشَدَّ صَاحِبَايَ فَكَبَّرَا، فَوَاللَّهِ مَا كَانَ إِلَّا النَّجَاءُ مِمَّنْ كَانَ فِيهِ: عِنْدَكَ عِنْدَكَ، بِكُلِّ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْ نِسَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ، وَمَا خَفَّ مَعَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَاسْتَقْنَا إِبِلًا عَظِيمَةً وَغَنَمًا كَثِيرَةً، فَجِئْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجِئْتُ بِرَأْسِهِ أَحْمِلُهُ مَعِي، فَأَعْطَانِي مِنْ تِلْكَ الْإِبِلِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا فِي صَدَاقِي، فَجَمَعْتُ إِلَيَّ أَهْلِي، وَكُنْتُ قَدْ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي، فَأَصْدَقْتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْتَعِينُهُ عَلَى نِكَاحِي، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا عِنْدِي مَا أُعِينُكَ، فَلَبِثْتُ أَيَّامًا ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ السَّرِيَّةَ.

[فصل في بعثه سَرِيَّةٌ إِلَى إِضَمَ]

فَصْلٌ

وَبَعَثَ سَرِيَّةً إِلَى إِضَمَ، وَكَانَ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ، ومحلم بن جثامة، فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَمَرَّ بِهِمْ عامر بن الأضبط الأشجعي، عَلَى قَعُودٍ لَهُ مَعَهُ مُتَيِّعٌ لَهُ، وَوَطَبٌ مِنْ لَبَنٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ، فَأَمْسَكُوا عَنْهُ وَحَمَلَ عَلَيْهِ محلم بن جثامة فَقَتَلَهُ؛ لِشَيْءٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَأَخَذَ بَعِيرَهُ وَمُتَيِّعَهُ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ، فَنَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: ٩٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>