[مَكَّةُ كُلُّهَا مَنْحَرٌ وَمِنًى مُنَاخٌ لِمَنْ سَبَقَ إِلَيْهِ]
فَصْلٌ
وَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَنْحَرِهِ بِمِنًى، وَأَعْلَمَهُمْ " أَنَّ مِنًى كُلَّهَا مَنْحَرٌ، وَأَنَّ فِجَاجَ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ "، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّحْرَ لَا يَخْتَصُّ بِمِنًى، بَلْ حَيْثُ نَحَرَ مِنْ فِجَاجِ مَكَّةَ أَجْزَأَهُ، كَمَا أَنَّهُ لَمَّا وَقَفَ بِعَرَفَةَ، قَالَ: " «وَقَفْتُ هَاهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» " وَوَقَفَ بِمُزْدَلِفَةَ، وَقَالَ: " «وَقَفْتُ هَاهُنَا، وَمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» «وَسُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبْنَى لَهُ بِمِنًى بِنَاءٌ يُظِلُّهُ مِنَ الْحَرِّ فَقَالَ: لَا، مِنًى مُنَاخٌ لِمَنْ سَبَقَ إِلَيْهِ» " وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاكِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا، وَأَنَّ مَنْ سَبَقَ إِلَى مَكَانٍ مِنْهَا، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يَرْتَحِلَ عَنْهُ وَلَا يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ.
[الْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ]
فَلَمَّا أَكْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْرَهُ اسْتَدْعَى بِالْحَلَّاقِ فَحَلَقَ رَأْسَهُ، فَقَالَ لِلْحَلَّاقِ - وَهُوَ معمر بن عبد الله وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِالْمُوسَى وَنَظَرَ فِي وَجْهِهِ - وَقَالَ: «يَا معمر أَمْكَنَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ شَحْمَةِ أُذُنِهِ وَفِي يَدِكَ الْمُوسَى " فَقَالَ معمر: أَمَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيَّ وَمَنِّهِ. قَالَ: " أَجَلْ إِذًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute