الْوَلَدِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ ( «النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ مُجِحٍّ عَلَى بَابِ فُسْطَاطٍ، فَقَالَ: " لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُلِمَّ بِهَا» ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. يَعْنِي: أَنَّهُ إِنِ اسْتَلْحَقَهُ وَشَرِكَهُ فِي مِيرَاثِهِ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدِهِ، وَإِنْ أَخْذَهُ مَمْلُوكًا يَسْتَخْدِمُهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ شَرِكَ فِيهِ لِكَوْنِ الْمَاءِ يَزِيدُ فِي الْوَلَدِ.
وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْحَامِلِ سَوَاءٌ كَانَ حَمْلُهَا مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًى، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ إِلَّا فِيمَا إِذَا كَانَ الْحَمْلُ مِنْ زِنًى، فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: بُطْلَانُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أحمد، ومالك. وَالثَّانِي: صِحَّتُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أبي حنيفة وَالشَّافِعِيِّ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَمَنَعَ أبو حنيفة مِنَ الْوَطْءِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ وَكَرِهَهُ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَصْحَابُهُ لَا يَحْرُمُ.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ أَمَتَهُ وَيَجْعَلُ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا]
ثَبَتَ عَنْهُ فِي " الصَّحِيحِ ": أَنَّهُ ( «أَعْتَقَ صفية وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا. قِيلَ: لِأَنَسٍ مَا أَصْدَقَهَا؟ قَالَ: أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا» ) وَذَهَبَ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَفَعَلَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَعْلَمِ التَّابِعِينَ وَسَيِّدِهِمْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وأحمد وإسحاق.
وَعَنْ أحمد رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَتَّى يَسْتَأْنِفَ نِكَاحَهَا بِإِذْنِهَا فَإِنْ أَبَتْ ذَلِكَ فَعَلَيْهَا قِيمَتُهَا.
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ أَنَّهُ يُوَكِّلُ رَجُلًا يُزَوِّجُهُ إِيَّاهَا.
وَالصَّحِيحُ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ الْمُوَافِقُ لِلسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالْقِيَاسِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا فَأَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ رَقَبَتِهَا وَأَبْقَى مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute