ذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ، وَشَرَقُوا بِوَقْعَةِ بَدْرٍ، وَأَظْهَرُوا الْبَغْيَ وَالْحَسَدَ فَسَارَتْ إِلَيْهِمْ جُنُودُ اللَّهِ، يَقْدُمُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ يَوْمَ السَّبْتِ لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ عَلَى رَأْسِ عِشْرِينَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجَرِهِ، وَكَانَ حُلَفَاءُ عبد الله بن أبي بن سلول رَئِيسِ الْمُنَافِقِينَ، وَكَانُوا أَشْجَعَ يَهُودِ الْمَدِينَةِ، وَحَامِلُ لِوَاءِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ أبا لبابة بن عبد المنذر، وَحَاصَرَهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ لَيْلَةً إِلَى هِلَالِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ حَارَبَ مِنَ الْيَهُودِ، وَتَحَصَّنُوا فِي حُصُونِهِمْ، فَحَاصَرَهُمْ أَشَدَّ الْحِصَارِ، وَقَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ الَّذِي إِذَا أَرَادَ خِذْلَانَ قَوْمٍ وَهَزِيمَتَهُمْ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِمْ، وَقَذَفَهُ فِي قُلُوبِهِمْ، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رِقَابِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَنِسَائِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَكُتِّفُوا، وَكَلَّمَ عبد الله بن أبي فِيهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَوَهَبَهُمْ لَهُ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَلَا يُجَاوِرُوهُ بِهَا، فَخَرَجُوا إِلَى أَذْرُعَاتٍ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ، فَقَلَّ أَنْ لَبِثُوا فِيهَا حَتَّى هَلَكَ أَكْثَرُهُمْ، وَكَانُوا صَاغَةً وَتُجَّارًا، وَكَانُوا نَحْوَ السِّتِّمِائَةِ مُقَاتِلٍ، وَكَانَتْ دَارُهُمْ فِي طَرَفِ الْمَدِينَةِ، وَقَبَضَ مِنْهُمْ أَمْوَالَهُمْ، فَأَخَذَ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ قِسِيٍّ وَدِرْعَيْنِ، وَثَلَاثَةَ أَسْيَافٍ، وَثَلَاثَةَ رِمَاحٍ، وَخَمَّسَ غَنَائِمَهُمْ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى جَمْعَ الْغَنَائِمِ محمد بن مسلمة.
[فصل في نَقْضُ بَنِي النَّضِيرِ الْعَهْدَ]
فَصْلٌ
ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ بَنُو النَّضِيرِ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، قَالَهُ عروة وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَيْهِمْ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَلَّمَهُمْ أَنْ يُعِينُوهُ فِي دِيَةِ الْكِلَابِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ قَتَلَهُمَا عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ، فَقَالُوا: نَفْعَلُ يَا أَبَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute