الْمَفَاسِدِ، وَدَفْعِ أَعْلَى الْمَفْسَدَتَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَدْنَاهُمَا، وَتَفْوِيتِ أَدْنَى الْمَصْلَحَتَيْنِ لِتَحْصِيلِ أَعْلَاهُمَا، تَبَيَّنَ لَكَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[فصل فِي حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُوَافِقِ لِكِتَابِ اللَّهِ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِلْمَبْتُوتَةِ وَلَا سُكْنَى]
رَوَى مسلم فِي " صَحِيحِهِ " ( «عَنْ فاطمة بنت قيس: أَنَّ أبا عمرو بن حفص طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ، فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ وَمَا قَالَ، فَقَالَ: " لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ " فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أم شريك، ثُمَّ قَالَ " تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ، فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي ". قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وأبا جهم خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَمَّا أبو جهم فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا معاوية فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ " فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: " انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ " فَنَكَحْتُهُ فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ» )
وَفِي " صَحِيحِهِ " أَيْضًا: عَنْهَا «أَنَّهَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا نَفَقَةً دُونًا فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَأُعْلِمَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ كَانَتْ لِي نَفَقَةٌ أَخَذْتُ الَّذِي يُصْلِحُنِي، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِي نَفَقَةٌ لَمْ آخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، قَالَتْ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ (لَا نَفَقَةَ لَكِ وَلَا سُكْنَى) .»
وَفِي " صَحِيحِهِ " أَيْضًا عَنْهَا «أَنَّ (أبا حفص بن المغيرة المخزومي طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ لَهَا أَهْلُهُ: لَيْسَ لَكِ عَلَيْنَا نَفَقَةٌ، فَانْطَلَقَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي نَفَرٍ فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ ميمونة، فَقَالُوا: إِنَّ أبا حفص طَلَّقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute