[فَصْلٌ في صَلَاةُ الْخَوْفِ]
فَصْلٌ
وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ أَنْ أَبَاحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَصْرَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَعَدَدِهَا إِذَا اجْتَمَعَ الْخَوْفُ وَالسَّفَرُ، وَقَصْرُ الْعَدَدِ وَحْدَهُ إِذَا كَانَ سَفَرٌ لَا خَوْفَ مَعَهُ، وَقَصْرُ الْأَرْكَانِ وَحْدَهَا إِذَا كَانَ خَوْفٌ لَا سَفَرَ مَعَهُ، وَهَذَا كَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِهِ تُعْلَمُ الْحِكْمَةُ فِي تَقْيِيدِ الْقَصْرِ فِي الْآيَةِ بِالضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ وَالْخَوْفِ.
وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، أَنْ يَصُفَّ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ خَلْفَهُ، وَيُكَبِّرَ وَيُكَبِّرُونَ جَمِيعًا، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيَرْكَعُونَ جَمِيعًا، ثُمَّ يَرْفَعُ وَيَرْفَعُونَ جَمِيعًا مَعَهُ، ثُمَّ يَنْحَدِرُ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ خَاصَّةً، وَيَقُومُ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ مُوَاجِهَ الْعَدُوِّ، فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَنَهَضَ إِلَى الثَّانِيَةِ، سَجَدَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بَعْدَ قِيَامِهِ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامُوا، فَتَقَدَّمُوا إِلَى مَكَانِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ مَكَانَهُمْ لِتَحْصُلَ فَضِيلَةُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِلطَّائِفَتَيْنِ، وَلِيُدْرِكَ الصَّفَّ الثَّانِي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّجْدَتَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، كَمَا أَدْرَكَ الْأَوَّلُ مَعَهُ السَّجْدَتَيْنِ فِي الْأُولَى، فَتَسْتَوِي الطَّائِفَتَانِ فِيمَا أَدْرَكُوا مَعَهُ، وَفِيمَا قَضَوْا لِأَنْفُسِهِمْ، وَذَلِكَ غَايَةُ الْعَدْلِ، فَإِذَا رَكَعَ صَنَعَ الطَّائِفَتَانِ كَمَا صَنَعُوا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَإِذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ، سَجَدَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ سَجْدَتَيْنِ، وَلَحِقُوهُ فِي التَّشَهُّدِ، فَيُسَلِّمُ بِهِمْ جَمِيعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute