رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، رَوَاهُ أبو داود فِي " سُنَنِهِ ".
[فَصْلٌ الْمَسْلَكُ الْخَامِسُ فِي قِصَّةِ بِنْتِ حَمْزَةَ]
فصل وَفِي الْحَدِيثِ مَسْلَكٌ خَامِسٌ، وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِهَا لِخَالَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ تَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا، وَقَدْ نَبَّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا بِعَيْنِهِ فِي حَدِيثِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عكرمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَقَالَ فِيهِ: ( «وَأَنْتَ يَا جعفر أَوْلَى بِهَا: تَحْتَكَ خَالَتُهَا، وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا» ) ، وَلَيْسَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصٌّ يَقْتَضِي أَنَّ يَكُونَ الْحَاضِنُ ذَا رَحِمٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْبِنْتُ عَلَى التَّأْبِيدِ حَتَّى يُعْتَرَضَ بِهِ عَلَى هَذَا الْمَسْلَكِ، بَلْ هَذَا مِمَّا لَا تَأْبَاهُ قَوَاعِدُ الْفِقْهِ وَأُصُولُ الشَّرِيعَةِ، فَإِنَّ الْخَالَةَ مَا دَامَتْ فِي عِصْمَةِ الْحَاضِنِ فَبِنْتُ أُخْتِهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا فَارَقَهَا فَهِيَ مَعَ خَالَتِهَا، فَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ أَصْلًا، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْقَوْلَ بِهَذَا أَخْيَرُ وَأَصْلَحُ لِلْبِنْتِ مِنْ رَفْعِهَا إِلَى الْحَاكِمِ يَدْفَعُهَا إِلَى أَجْنَبِيٍّ تَكُونُ عِنْدَهُ؛ إِذِ الْحَاكِمُ غَيْرُ مُتَصَدٍّ لِلْحَضَانَةِ بِنَفْسِهِ، فَهَلْ يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّ مَا حَكَمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ هُوَ عَيْنُ الْمَصْلَحَةِ وَالْحِكْمَةِ وَالْعَدْلِ، وَغَايَةُ الِاحْتِيَاطِ لِلْبِنْتِ وَالنَّظَرِ لَهَا، وَأَنَّ كُلَّ حُكْمٍ خَالَفَهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ جَوْرٍ أَوْ فَسَادٍ لَا تَأْتِي بِهِ الشَّرِيعَةُ، فَلَا إِشْكَالَ فِي حُكْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْإِشْكَالُ كُلُّ الْإِشْكَالِ فِيمَا خَالَفَهُ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.
[ذِكْرُ حُكْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجَاتِ]
وَأَنَّهُ لَمْ يُقَدِّرْهَا، وَلَا وَرَدَ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِهَا، وَإِنَّمَا رَدَّ الْأَزْوَاجَ فِيهَا إِلَى الْعُرْفِ.
ثَبَتَ عَنْهُ فِي " صَحِيحِ مسلم " أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمَحْضَرِ الْجَمْعِ الْعَظِيمِ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِبِضْعَةٍ وَثَمَانِينَ يَوْمًا: ( «وَاتُّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute