للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْجِدِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَامَّةَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ شَهِدُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِمَا. وَفِي تَرْكِهِمُ الْإِنْكَارَ الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهِ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنْ ثَبَتَ مُتَأَوَّلًا عَلَى نُقْصَانِ الْأَجْرِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ، فَالْغَالِبُ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ إِلَى أَهْلِهِ وَلَا يَشْهَدُ دَفْنَهُ، وَأَنَّ مَنْ سَعَى إِلَى الْجِنَازَةِ فَصَلَّى عَلَيْهَا بِحَضْرَةِ الْمَقَابِرِ شَهِدَ دَفْنَهُ، وَأَحْرَزَ أَجْرَ الْقِيرَاطَيْنِ، وَقَدْ يُؤْجَرُ أَيْضًا عَلَى كَثْرَةِ خُطَاهُ، وَصَارَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ مَنْقُوصَ الْأَجْرِ بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ.

وَتَأَوَّلَتْ طَائِفَةٌ مَعْنَى قَوْلِهِ: (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِيَتَّحِدَ مَعْنَى اللَّفْظَيْنِ، وَلَا يَتَنَاقَضَانِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧] [الْإِسْرَاءِ: ٧] ، أَيْ: فَعَلَيْهَا، فَهَذِهِ طُرُقُ النَّاسِ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ.

وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا، وَأَنَّ سُنَّتَهُ وَهَدْيَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ إِلَّا لِعُذْرٍ، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ جَائِزٌ، وَالْأَفْضَلُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[فصل مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْجِيَةُ الْمَيِّتِ]

فَصْلٌ

وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسْجِيَةُ الْمَيِّتِ إِذَا مَاتَ وَتَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ، وَتَغْطِيَةُ وَجْهِهِ وَبَدَنِهِ. وَكَانَ رُبَّمَا يُقَبِّلُ الْمَيِّتَ كَمَا ( «قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَبَكَى» ) ، وَكَذَلِكَ ( «الصِّدِّيقُ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ) .

وَكَانَ يَأْمُرُ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْغَاسِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>