عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عائشة، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
فَقَالَ: فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ، فَقَالَ: أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ، وَذِكْرُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَهْمٌ؛ لِأَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ مَاتَ إثْرَ فَتْحِ بَنِي قُرَيْظَةَ بِلَا شَكٍّ، وَكَانَتْ فِي آخِرِ ذِي الْقِعْدَةِ مِنَ السَّنَةِ الرَّابِعَةِ، وَغَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فِي شَعْبَانَ مِنَ السَّنَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ سَنَةٍ وَثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ مِنْ مَوْتِ سعد، وَكَانَتِ الْمُقَاوَلَةُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ بِأَزْيَدَ مِنْ خَمْسِينَ لَيْلَةً.
قُلْتُ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْخَنْدَقَ كَانَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ كَمَا سَيَأْتِي.
[ما وقع في حديث الإفك من الوهم]
فَصْلٌ
وَمِمَّا وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أبي وائل عَنْ مسروق، قَالَ: سَأَلْتُ أم رومان عَنْ حَدِيثِ الْإِفْكِ فَحَدَّثَتْنِي. قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: وَهَذَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ أم رومان مَاتَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَبْرِهَا، وَقَالَ: ( «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذِهِ» ) ، قَالُوا: وَلَوْ كَانَ مسروق قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي حَيَاتِهَا، وَسَأَلَهَا لَلَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعَ مِنْهُ، ومسروق إنَّمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالُوا: وَقَدْ رَوَى مسروق عَنْ أم رومان حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا فَأَرْسَلَ الرِّوَايَةَ عَنْهَا، فَظَنَّ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهَا، فَحَمَلَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى السَّمَاعِ، قَالُوا: وَلَعَلَّ مسروقا قَالَ: سُئِلَتْ أم رومان، فَتَصَحَّفَتْ عَلَى بَعْضِهِمْ: سَأَلَتْ، لِأَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute