الْعُمُومِ فِيمَا سِوَاهُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ يَتَنَاوَلُ الْحَدِيثُ الرَّعْيَ أَمْ لَا؟ قِيلَ: هَذَا فِيهِ قَوْلَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَتَنَاوَلُهُ فَيَجُوزُ الرَّعْيُ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.
وَالثَّانِي: يَتَنَاوَلُهُ بِمَعْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ بِلَفْظِهِ، فَلَا يَجُوزُ الرَّعْيُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أبي حنيفة، وَالْقَوْلَانِ لِأَصْحَابِ أحمد.
قَالَ الْمُحَرِّمُونَ: وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ اخْتِلَائِهِ وَتَقْدِيمِهِ لِلدَّابَّةِ وَبَيْنَ إِرْسَالِ الدَّابَّةِ عَلَيْهِ تَرْعَاهُ؟
قَالَ الْمُبِيحُونَ: لَمَّا كَانَتْ عَادَةُ الْهَدَايَا أَنْ تَدْخُلَ الْحَرَمَ، وَتَكْثُرَ فِيهِ، وَلَمْ يُنْقَلْ قَطُّ أَنَّهَا كَانَتْ تُسَدُّ أَفْوَاهُهَا، دَلَّ عَلَى جَوَازِ الرَّعْيِ.
قَالَ الْمُحَرِّمُونَ: الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُرْسِلَهَا تَرْعَى وَيُسَلِّطَهَا عَلَى ذَلِكَ، وَبَيْنَ أَنْ تَرْعَى بِطَبْعِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَلِّطَهَا صَاحِبُهَا، وَهُوَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسُدَّ أَفْوَاهَهَا، كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسُدَّ أَنْفَهُ فِي الْإِحْرَامِ عَنْ شَمِّ الطِّيبِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ شَمَّهُ، وَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ السَّيْرِ؛ خَشْيَةَ أَنْ يُوطِئَ صَيْدًا فِي طَرِيقِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْصِدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ نَظَائِرُهُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ يَدْخُلُ فِي الْحَدِيثِ أَخْذُ الْكَمْأَةِ وَالْفَقْعِ، وَمَا كَانَ مُغَيَّبًا فِي الْأَرْضِ؟ قِيلَ: لَا يَدْخُلُ فِيهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَرَةِ، وَقَدْ قَالَ أحمد: يُؤْكَلُ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ الضَّغَابِيسُ وَالْعِشْرِقُ.
[فصل في النهي عن تفير صيد مكة]
فَصْلٌ
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا» ) صَرِيحٌ فِي تَحْرِيمِ التَّسَبُّبِ إِلَى قَتْلِ الصَّيْدِ وَاصْطِيَادِهِ بِكُلِّ سَبَبٍ، حَتَّى إِنَّهُ لَا يُنَفِّرُهُ عَنْ مَكَانِهِ، لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ مُحْتَرَمٌ فِي هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute