بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا إِنْ كُنْتُ لَأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ، إِنَّهُ لَغَيُورٌ، وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي» . وَفِي لَفْظٍ: «لَوْ رَأَيْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ» )
[فَصْلٌ يَصِحُّ اللِّعَانُ مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ أَوْ كَافِرَيْنِ]
فَصْلٌ
وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ النَّبَوِيِّ عِدَةُ أَحْكَامٍ
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: أَنَّ اللِّعَانَ يَصِحُّ مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ، عَدْلَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ، مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ أَوْ غَيْرَ مَحْدُودَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا، كَذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ: جَمِيعُ الْأَزْوَاجِ يَلْتَعِنُونَ؛ الْحُرُّ مِنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ إِذَا كَانَتْ زَوْجَةً، وَالْعَبْدُ مِنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ إِذَا كَانَتْ زَوْجَةً، وَالْمُسْلِمُ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ، وَهَذَا قَوْلُ مالك وإسحاق، وَقَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ والحسن وربيعة وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ.
وَذَهَبَ أَهْلُ الرَّأْيِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ اللِّعَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَيْنَ زَوْجَيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ حُرَّيْنِ غَيْرِ مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أحمد.
وَمَأْخَذُ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ اللِّعَانَ يَجْمَعُ وَصْفَيْنِ: الْيَمِينَ وَالشَّهَادَةَ، وَقَدْ سَمَّاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute