للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل هَلْ مُجَرَّدُ عَقْدِ النِّكَاحِ يُسْقِطُ الْحَضَانَةَ]

فَصْلٌ

وَقَوْلُهُ: ( «مَا لَمْ تَنْكِحِي» ) اخْتُلِفَ فِيهِ، هَلِ الْمُرَادُ بِهِ مُجَرَّدُ الْعَقْدِ، أَوِ الْعَقْدُ مَعَ الدُّخُولِ؟ وَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ تَزُولُ حَضَانَتُهَا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وأبي حنيفة؛ لِأَنَّهُ بِالْعَقْدِ يَمْلِكُ الزَّوْجُ مَنَافِعَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَيَمْلِكُ نَفْعَهَا مِنْ حَضَانَةِ الْوَلَدِ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا لَا تَزُولُ إِلَّا بِالدُّخُولِ، وَهُوَ قَوْلُ مالك، فَإِنَّ بِالدُّخُولِ يَتَحَقَّقُ اشْتِغَالُهَا عَنِ الْحَضَانَةِ، وَالْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ، وَالْأَشْبَهُ سُقُوطُ حَضَانَتِهَا بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ صَارَتْ فِي مَظِنَّةِ الِاشْتِغَالِ عَنِ الْوَلَدِ وَالتَّهَيُّؤِ لِلدُّخُولِ، وَأَخْذِهَا حِينَئِذٍ فِي أَسْبَابِهِ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ.

[فصل اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي سُقُوطِ الْحَضَانَةِ بِالنِّكَاحِ]

فَصْلٌ

وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي سُقُوطِ الْحَضَانَةِ بِالنِّكَاحِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ.

أَحَدُهَا: سُقُوطُهَا بِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَحْضُونُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، ومالك، وأبي حنيفة، وأحمد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ. قَالَ ابن المنذر: أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَضَى بِهِ شريح.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِالتَّزْوِيجِ بِحَالٍ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحَضَانَةِ بَيْنَ الْأَيِّمِ وَذَوَاتِ الْبَعْلِ، وَحُكِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ.

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ الطِّفْلَ إِنْ كَانَ بِنْتًا لَمْ تَسْقُطِ الْحَضَانَةُ بِنِكَاحِ أُمِّهَا، وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا سَقَطَتْ، وَهَذِهِ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أحمد رَحِمَهُ اللَّهُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مهنا بن يحيى الشامي، فَقَالَ: إِذَا تَزَوَّجَتِ الْأُمُّ وَابْنُهَا صَغِيرٌ، أُخِذَ مِنْهَا. قِيلَ لَهُ: وَالْجَارِيَةُ مِثْلُ الصَّبِيِّ؟ قَالَ: لَا، الْجَارِيَةُ تَكُونُ مَعَ أُمِّهَا إِلَى سَبْعِ سِنِينَ. وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: فَهَلْ تَكُونُ عِنْدَهَا إِلَى سَبْعِ سِنِينَ أَوْ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. قَالَ ابن أبي موسى: وَعَنْ أحمد أَنَّ الْأُمَّ أَحَقُّ بِحَضَانَةِ الْبِنْتِ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>