التَّاسِعَ عَشَرَ: وُجُوبُ تَخْلِيَةِ الْمُتَّهَمِ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِمَّا اتُّهِمَ بِهِ، وَأَنَّ الْمُتَّهِمَ إِذَا رَضِيَ بِضَرْبِ الْمُتَّهَمِ، فَإِنْ خَرَجَ مَالُهُ عِنْدَهُ، وَإِلَّا ضُرِبَ هُوَ مِثْلَ ضَرْبِ مَنِ اتَّهَمَهُ إِنْ أُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ أَمَارَاتِ الرِّيبَةِ، كَمَا قَضَى بِهِ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الْعِشْرُونَ: ثُبُوتُ الْقِصَاصِ فِي الضَّرْبَةِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَنَحْوِهِمَا.
[فَصْلٌ مَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْحَدُّ فِي السَّرِقَةِ]
فَصْلٌ
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أبو داود: «أَنَّهُ أَمَرَ بِقَتْلِ سَارِقٍ فَقَالُوا: إِنَّمَا سَرَقَ، فَقَالَ: " اقْطَعُوهُ "، ثُمَّ جِيءَ بِهِ ثَانِيًا فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقَالُوا: إِنَّمَا سَرَقَ، فَقَالَ: " اقْطَعُوهُ "، ثُمَّ جِيءَ بِهِ فِي الثَّالِثَةِ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقَالُوا: إِنَّمَا سَرَقَ، فَقَالَ: " اقْطَعُوهُ "، ثُمَّ جِيءَ بِهِ رَابِعَةً، فَقَالَ: " اقْتُلُوهُ "، فَقَالُوا: إِنَّمَا سَرَقَ، فَقَالَ: " اقْطَعُوهُ "، فَأُتِيَ بِهِ فِي الْخَامِسَةِ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَقَتَلُوهُ» .
فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْحُكُومَةِ: فالنسائي وَغَيْرُهُ لَا يُصَحِّحُونَ هَذَا الْحَدِيثَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَمُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَغَيْرُهُ يُحَسِّنُهُ وَيَقُولُ: هَذَا حُكْمٌ خَاصٌّ بِذَلِكَ الرَّجُلِ وَحْدَهُ، لِمَا عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ فِي قَتْلِهِ، وَطَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ تَقْبَلُهُ وَتَقُولُ بِهِ، وَأَنَّ السَّارِقَ إِذَا سَرَقَ خَمْسَ مَرَّاتٍ قُتِلَ فِي الْخَامِسَةِ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ أبو مصعب مِنَ الْمَالِكِيَّةِ.
وَفِي هَذِهِ الْحُكُومَةِ الْإِتْيَانُ عَلَى أَطْرَافِ السَّارِقِ الْأَرْبَعَةِ. وَقَدْ رَوَى عبد الرزاق فِي " مُصَنَّفِهِ ": «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِعَبْدٍ سَرَقَ، فَأُتِيَ بِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute