ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لِلضَّيْفِ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَكَ فَيُحْرِجَكَ " قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ الضَّالَّةَ مِنَ الْغَنَمِ أَجِدُهَا فِي الْفَلَاةِ مِنَ الْأَرْضِ؟ قَالَ: هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ " قَالَ: فَالْبَعِيرَ؟ قَالَ: " مَا لَكَ وَلَهُ؟ دَعْهُ حَتَّى يَجِدَهُ صَاحِبُهُ "، قَالَ رويفع: ثُمَّ قَامُوا فَرَجَعُوا إِلَى مَنْزِلِي، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي مَنْزِلِي يَحْمِلُ تَمْرًا فَقَالَ: " اسْتَعِنْ بِهَذَا التَّمْرِ "، وَكَانُوا يَأْكُلُونَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ، فَأَقَامُوا ثَلَاثًا، ثُمَّ وَدَّعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَجَازَهُمْ وَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ» ) .
[ما يتعلق بقصة وفد بلي من فوائد]
فَصْلٌ
فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنَ الْفِقْهِ: إِنَّ لِلضَّيْفِ حَقًّا عَلَى مَنْ نَزَلَ بِهِ، وَهُوَ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ: حَقٌّ وَاجِبٌ، وَتَمَامٌ مُسْتَحَبٌّ، وَصَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ.
فَالْحَقُّ الْوَاجِبُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرَاتِبَ الثَّلَاثَةَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ حَدِيثِ أبي شريح الخزاعي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ "، قَالُوا: وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: يَوْمُهُ وَلَيْلَتُهُ، وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَى يُحْرِجَهُ» )
وَفِيهِ جَوَازُ الْتِقَاطِ الْغَنَمِ، وَأَنَّ الشَّاةَ إِذَا لَمْ يَأْتِ صَاحِبُهَا فَهِيَ مِلْكُ الْمُلْتَقِطِ، وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّ الشَّاةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ يُخَيَّرُ الْمُلْتَقِطُ بَيْنَ أَكْلِهِ فِي الْحَالِ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَبَيْنَ بَيْعِهِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ، وَبَيْنَ تَرْكِهِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ، وَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهَا لَهُ، إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ صَاحِبُهَا، وَإِذَا كَانَتْ لَهُ، خُيِّرَ بَيْنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، فَإِذَا ظَهَرَ صَاحِبُهَا دَفَعَهَا إِلَيْهِ أَوْ قِيمَتَهَا، وَأَمَّا مُتَقَدِّمُو أَصْحَابِ أحمد فَعَلَى خِلَافِ هَذَا. قَالَ أبو الحسين: لَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا قَبْلَ الْحَوْلِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، قَالَ: وَإِنْ قُلْنَا: يَأْخُذُ مَا لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute