للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْغَنَمِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ بِأَكْلٍ وَلَا غَيْرِهِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَكَذَلِكَ قَالَ ابن عقيل. وَنَصَّ أحمد فِي رِوَايَةِ أبي طالب فِي الشَّاةِ: يُعَرِّفُهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا رَدَّهَا إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّرِيفَانِ: لَا يَمْلِكُ الشَّاةَ قَبْلَ الْحَوْلِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ أبو بكر: وَضَالَّةُ الْغَنَمِ إِذَا أَخَذَهَا يُعَرِّفُهَا سَنَةً، وَهُوَ الْوَاجِبُ، فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ وَلَمْ يَعْرِفْ صَاحِبَهَا كَانَتْ لَهُ، وَالْأَوَّلُ أَفْقَهُ وَأَقْرَبُ إِلَى مَصْلَحَةِ الْمُلْتَقِطِ وَالْمَالِكِ؛ إِذْ قَدْ يَكُونُ تَعْرِيفُهَا سَنَةً مُسْتَلْزِمًا لِتَغْرِيمِ مَالِكِهَا أَضْعَافَ قِيمَتِهَا إِنْ قُلْنَا: يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهَا، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَرْجِعُ اسْتَلْزَمَ تَغْرِيمَ الْمُلْتَقِطِ ذَلِكَ، وَإِنْ قِيلَ يَدَعُهَا وَلَا يَلْتَقِطُهَا كَانَتْ لِلذِّئْبِ وَتَلِفَتْ، وَالشَّارِعُ لَا يَأْمُرُ بِضَيَاعِ الْمَالِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا الَّذِي رَجَّحْتُمُوهُ مُخَالِفٌ لِنُصُوصِ أحمد وَأَقْوَالِ أَصْحَابِهِ وَلِلدَّلِيلِ أَيْضًا.

أَمَّا مُخَالَفَةُ نُصُوصِ أحمد فَمِمَّا تَقَدَّمَ حِكَايَتُهُ فِي رِوَايَةِ أبي طالب، وَنَصَّ أَيْضًا فِي رِوَايَتِهِ فِي مُضْطَرٍّ وَجَدَ شَاةً مَذْبُوحَةً وَشَاةً مَيِّتَةً، قَالَ: يَأْكُلُ مِنَ الْمَيِّتَةِ وَلَا يَأْكُلُ مِنَ الْمَذْبُوحَةِ، الْمَيِّتَةُ أُحِلَّتْ وَالْمَذْبُوحَةُ لَهَا صَاحِبٌ قَدْ ذَبَحَهَا. يُرِيدُ أَنْ يُعَرِّفَهَا وَيَطْلُبَ صَاحِبَهَا، فَإِذَا أَوْجَبَ إِبْقَاءَ الْمَذْبُوحَةِ عَلَى حَالِهَا، فَإِبْقَاءُ الشَّاةِ الْحَيَّةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَأَمَّا مُخَالَفَةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فَقَدْ تَقَدَّمَ، وَأَمَّا مُخَالَفَةُ الدَّلِيلِ، فَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي ضَالَّةِ الْغَنَمِ؟ فَقَالَ: (هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ، احْبِسْ عَلَى أَخِيكَ ضَالَّتَهُ " وَفِي لَفْظٍ: " رُدَّ عَلَى أَخِيكَ ضَالَّتَهُ» ") وَهَذَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَالذَّبْحَ.

قِيلَ: لَيْسَ فِي نَصِّ أحمد أَكْثَرُ مِنَ التَّعْرِيفِ، وَمَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَكْلِهَا وَبَيْعِهَا وَحِفْظِهَا، لَا يَقُولُ بِسُقُوطِ التَّعْرِيفِ بَلْ يُعَرِّفُهَا مَعَ ذَلِكَ، وَقَدْ عَرَفَ شِيَتَهَا وَعَلَامَتَهَا، فَإِنْ ظَهَرَ صَاحِبُهَا أَعْطَاهُ الْقِيمَةَ. فَقَوْلُ أحمد: يُعَرِّفُهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْرِيفِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>