ثَوْبَهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْعَهُمَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَلَا تَرَاضٍ» )
وَفُسِّرَتِ الْمُلَامَسَةُ بِأَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ ثَوْبِي هَذَا عَلَى أَنَّكَ مَتَى لَمَسْتَهُ، فَهُوَ عَلَيْكَ بِكَذَا، وَالْمُنَابَذَةُ بِأَنْ يَقُولَ: أَيُّ ثَوْبٍ نَبَذْتَهُ إِلَيَّ، فَهُوَ عَلَيَّ بِكَذَا، وَهَذَا أَيْضًا نَوْعٌ مِنَ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أحمد رَحِمَهُ اللَّهُ، وَالْغَرَرُ فِي ذَلِكَ ظَاهِرٌ، وَلَيْسَ الْعِلَّةُ تَعْلِيقَ الْبَيْعِ شَرْطٌ، بَلْ مَا تَضَمَّنَهُ مِنَ الْخَطَرِ وَالْغَرَرِ.
[فصل بَيْعُ الْمُغَيَّبَاتِ]
فَصْلٌ
وَلَيْسَ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ بَيْعُ الْمُغَيَّبَاتِ فِي الْأَرْضِ كَاللِّفْتِ وَالْجَزَرِ وَالْفُجْلِ وَالْقُلْقَاسِ وَالْبَصَلِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّهَا مَعْلُومَةٌ بِالْعَادَةِ يَعْرِفُهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِهَا، وَظَاهِرُهَا عُنْوَانُ بَاطِنِهَا، فَهُوَ كَظَاهِرِ الصَّبْرَةِ مَعَ بَاطِنِهَا، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ فِي ذَلِكَ غَرَرًا، فَهُوَ غَرَرٌ يَسِيرٌ يُغْتَفَرُ فِي جَنْبِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ الَّتِي لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلْمَنْعِ، فَإِنَّ إِجَارَةَ الْحَيَوَانِ وَالدَّارِ وَالْحَانُوتِ مُسَانَاةٌ لَا تَخْلُو عَنْ غَرَرٍ؛ لِأَنَّهُ يَعْرِضُ فِيهِ مَوْتُ الْحَيَوَانِ، وَانْهِدَامُ الدَّارِ، وَكَذَا دُخُولُ الْحَمَّامِ، وَكَذَا الشُّرْبُ مِنْ فَمِ السِّقَاءِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ مَعَ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي قَدْرِهِ، وَكَذَا بُيُوعُ السَّلَمِ، وَكَذَا بَيْعُ الصَّبْرَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي لَا يُعْلَمُ مَكِيلُهَا، وَكَذَا بَيْعُ الْبَيْضِ وَالرُّمَّانِ وَالْبِطِّيخِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْلُو مِنَ الْغَرَرِ، فَلَيْسَ كُلُّ غَرَرٍ سَبَبًا لِلتَّحْرِيمِ.
وَالْغَرَرُ إِذَا كَانَ يَسِيرًا، أَوْ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، لَمْ يَكُنْ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ، فَإِنَّ الْغَرَرَ الْحَاصِلَ فِي أَسَاسَاتِ الْجُدْرَانِ، وَدَاخِلِ بُطُونِ الْحَيَوَانِ، أَوْ آخِرِ الثِّمَارِ الَّتِي بَدَا صَلَاحُ بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، وَالْغَرَرُ الَّذِي فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ، وَالشُّرْبِ مِنَ السِّقَاءِ وَنَحْوِهِ غَرَرٌ يَسِيرٌ، فَهَذَانِ النَّوْعَانِ لَا يَمْنَعَانِ الْبَيْعَ بِخِلَافِ الْغَرَرِ الْكَثِيرِ الَّذِي يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute