قُلْتُ: حَدِيثُ الغامدية لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ أَنَّهُ (صَلَّى عَلَيْهَا) . وَحَدِيثُ ماعز إِمَّا أَنْ يُقَالَ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ أَلْفَاظِهِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ هِيَ دُعَاؤُهُ لَهُ بِأَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ، وَتَرْكَ الصَّلَاةِ فِيهِ هِيَ تَرْكُهُ الصَّلَاةَ عَلَى جِنَازَتِهِ تَأْدِيبًا وَتَحْذِيرًا، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ إِذَا تَعَارَضَتْ أَلْفَاظُهُ، عُدِلَ عَنْهُ إِلَى حَدِيثِ الغامدية.
[فَصْلٌ في أَبْحَاثُ الْمَشْيِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَالْإِسْرَاعِ بِهَا]
فَصْلٌ
وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ تَبِعَهُ إِلَى الْمَقَابِرِ مَاشِيًا أَمَامَهُ.
وَهَذِهِ كَانَتْ سُنَّةَ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِهِ وَسُنَّ لِمَنْ تَبِعَهَا إِنْ كَانَ رَاكِبًا أَنْ يَكُونَ وَرَاءَهَا، وَإِنْ كَانَ مَاشِيًا أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْهَا، إِمَّا خَلْفَهَا أَوْ أَمَامَهَا، أَوْ عَنْ يَمِينِهَا أَوْ عَنْ شِمَالِهَا. وَكَانَ يَأْمُرُ بِالْإِسْرَاعِ بِهَا، حَتَّى إِنْ كَانُوا لَيَرْمُلُونَ بِهَا رَمَلًا، وَأَمَّا دَبِيبُ النَّاسِ الْيَوْمَ خُطْوَةً خُطْوَةً، فَبِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ مُخَالِفَةٌ لِلسُّنَّةِ، وَمُتَضَمِّنَةٌ لِلتَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودِ. وَكَانَ أبو بكرة يَرْفَعُ السَّوْطَ عَلَى مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَيَقُولُ: ( «لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَرْمُلُ رَمَلًا» ) .
«قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَأَلْنَا نَبِيَّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْمَشْيِ مَعَ الْجِنَازَةِ، فَقَالَ: (مَا دُونَ الْخَبَبِ) ، رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ وَكَانَ يَمْشِي إِذَا تَبِعَ الْجِنَازَةَ، وَيَقُولُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute