للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْتَوِشُهَا الدَّمُ، وَإِلَّا فَالصَّغِيرَةُ وَالْآيِسَةُ لَا يُقَالُ لِزَمَنِ طُهْرِهِمَا أَقْرَاءٌ، وَلَا هُمَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ.

[الدَّلِيلُ الثَّانِي لِمَنْ حَمَلَ الْقُرْءَ عَلَى الْحَيْضِ]

الدَّلِيلُ الثَّانِي: أَنَّ لَفْظَ الْقُرْءِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ إِلَّا لِلْحَيْضِ، وَلَمْ يَجِئْ عَنْهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ اسْتِعْمَالُهُ لِلطُّهْرِ، فَحَمْلُهُ فِي الْآيَةِ عَلَى الْمَعْهُودِ الْمَعْرُوفِ مِنْ خِطَابِ الشَّارِعِ أَوْلَى، بَلْ مُتَعَيِّنٌ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ " «دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ» " وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُعَبِّرُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَبِلُغَةِ قَوْمِهِ نَزَلَ الْقُرْآنُ، فَإِذَا وَرَدَ الْمُشْتَرَكُ فِي كَلَامِهِ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ، وَجَبَ حَمْلُهُ فِي سَائِرِ كَلَامِهِ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ تَثْبُتْ إِرَادَةُ الْآخَرِ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِ الْبَتَّةَ، وَيَصِيرُ هُوَ لُغَةَ الْقُرْآنِ الَّتِي خُوطِبْنَا بِهَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَعْنًى آخَرُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَيَصِيرُ هَذَا الْمَعْنَى الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ فِي تَخْصِيصِ الْمُشْتَرَكِ بِأَحَدِ مَعْنَيَيْهِ، كَمَا يُخَصُّ الْمُتَوَاطِئُ بِأَحَدِ أَفْرَادِهِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ أَغْلَبَ أَسْبَابِ الِاشْتِرَاكِ تَسْمِيَةُ أَحَدِ الْقَبِيلَتَيْنِ الشَّيْءَ بِاسْمٍ، وَتَسْمِيَةُ الْأُخْرَى بِذَلِكَ الِاسْمِ مُسَمًّى آخَرَ، ثُمَّ تَشِيعُ الِاسْتِعْمَالَاتُ، بَلْ قَالَ الْمُبَرِّدُ وَغَيْرُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>