النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «قَضَى أَنَّ كُلَّ مُسْتَلْحَقٍ اسْتُلْحِقَ» ) بَعْدَ أَبِيهِ الَّذِي يُدْعَى لَهُ ادَّعَاهُ وَرَثَتُهُ، فَقَضَى أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا يَوْمَ أَصَابَهَا فَقَدْ لَحِقَ بِمَنِ اسْتَلْحَقَهُ، وَلَيْسَ لَهُ مِمَّا قُسِّمَ قَبْلَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ، وَمَا أَدْرَكَ مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يُقَسَّمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ، وَلَا يُلْحَقُ إِذَا كَانَ أَبُوهُ الَّذِي يُدْعَى لَهُ أَنْكَرَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا أَوْ مِنْ حُرَّةٍ عَاهَرَ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يُلْحَقُ وَلَا يَرِثُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُدْعَى لَهُ هُوَ ادَّعَاهُ، فَهُوَ مِنْ وَلَدِ زَنْيَةٍ مِنْ حُرَّةٍ كَانَ أَوْ أَمَةٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ: وَهُوَ وَلَدُ زِنًى لِأَهْلِ أُمِّهِ مَنْ كَانُوا - حُرَّةً أَوْ أَمَةً. وَذَلِكَ فِيمَا اسْتُلْحِقَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، فَمَا اقْتَسَمَ مِنْ مَالٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَقَدْ مَضَى " وَهَذَا لِأَهْلِ الْحَدِيثِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ الْمَكْحُولِيِّ.
وَكَانَ قَوْمٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَهُمْ إِمَاءٌ بَغَايَا، فَإِذَا وَلَدَتْ أَمَةُ أَحَدِهِمْ وَقَدْ وَطِئَهَا غَيْرُهُ بِالزِّنَى فَرُبَّمَا ادَّعَاهُ سَيِّدُهَا، وَرُبَّمَا ادَّعَاهُ الزَّانِي وَاخْتَصَمَا فِي ذَلِكَ، حَتَّى قَامَ الْإِسْلَامُ، فَحَكَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَلَدِ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْفِرَاشِ، وَنَفَاهُ عَلَى الزَّانِي.
ثُمَّ تَضَمَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ أُمُورًا:
مِنْهَا: أَنَّ الْمُسْتَلْحَقَ إِذَا اسْتُلْحِقَ بَعْدَ أَبِيهِ الَّذِي يُدْعَى لَهُ، ادَّعَاهُ وَرَثَتُهُ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا الْوَاطِئُ يَوْمَ أَصَابَهَا فَقَدْ لَحِقَ بِمَنِ اسْتَلْحَقَهُ، يَعْنِي إِذَا كَانَ الَّذِي اسْتَلْحَقَهُ وَرَثَةُ مَالِكِ الْأَمَةِ، وَصَارَ ابْنَهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ لَيْسَ لَهُ مِمَّا قُسِّمَ قَبْلَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ هَذَا تَجْدِيدُ حُكْمِ نَسَبِهِ، وَمِنْ يَوْمِئِذٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ، فَلَا يَرْجِعُ بِمَا اقْتُسِمَ قَبْلَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ؛ إِذْ لَمْ يَكُنْ حُكْمُ الْبُنُوَّةِ ثَابِتًا، وَمَا أَدْرَكَ مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يُقَسَّمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ ثَبَتَ قَبْلَ قَسْمِهِ الْمِيرَاثَ، فَيَسْتَحِقُّ مِنْهُ نَصِيبَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute