وَالْآخَرُ لِلشَّرِّ، كَمَا تَقُولُهُ الْمَجُوسُ، وَلَمْ يَكُونُوا يَسْتَحِلُّونَ نِكَاحَ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ، وَكَانُوا عَلَى بَقَايَا مِنْ دِينِ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا الْمَجُوسُ فَلَمْ يَكُونُوا عَلَى كِتَابٍ أَصْلًا، وَلَا دَانُوا بِدِينِ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، لَا فِي عَقَائِدِهِمْ وَلَا فِي شَرَائِعِهِمْ، وَالْأَثَرُ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ فَرُفِعَ وَرُفِعَتْ شَرِيعَتُهُمْ لَمَّا وَقَعَ مَلِكُهُمْ عَلَى ابْنَتِهِ لَا يَصِحُّ الْبَتَّةَ، وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَكُونُوا بِذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِنَّ كِتَابَهُمْ رُفِعَ وَشَرِيعَتُهُمْ بَطَلَتْ فَلَمْ يَبْقَوْا عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَ لَهُ صُحُفٌ وَشَرِيعَةٌ، وَلَيْسَ تَغْيِيرُ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ لِدِينِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَشَرِيعَتِهِ بِأَعْظَمَ مِنْ تَغْيِيرِ الْمَجُوسِ لِدِينِ نَبِيِّهِمْ وَكِتَابِهِمْ لَوْ صَحَّ، فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ عَنْهُمُ التَّمَسُّكُ بِشَيْءٍ مِنْ شَرَائِعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَوَاتُ وَالسَّلَامُ، بِخِلَافِ الْعَرَبِ، فَكَيْفَ يَجْعَلُ الْمَجُوسَ الَّذِينَ دِينُهُمْ أَقْبَحُ الْأَدْيَانِ أَحْسَنَ حَالًا مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ فِي الدَّلِيلِ كَمَا تَرَى.
وَفَرَّقَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ بَيْنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ، فَقَالُوا: تُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ كَافِرٍ إِلَّا مُشْرِكِي الْعَرَبِ.
وَرَابِعَةٌ: فَرَّقَتْ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ، وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ، فَإِنَّ قُرَيْشًا لَمْ يَبْقَ فِيهِمْ كَافِرٌ يَحْتَاجُ إِلَى قِتَالِهِ وَأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُ الْبَتَّةَ، وَقَدْ كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ هَجَرَ، وَإِلَى المنذر بن ساوى، وَإِلَى مُلُوكِ الطَّوَائِفِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوِ الْجِزْيَةِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ عَرَبِيٍّ وَغَيْرِهِ.
وَأَمَّا حُكْمُهُ فِي قَدْرِهَا، فَإِنَّهُ «بَعَثَ معاذا إِلَى الْيَمَنِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ قِيمَتَهُ مَعَافِرَ» ، وَهِيَ ثِيَابٌ مَعْرُوفَةٌ بِالْيَمَنِ. ثُمَّ زَادَ فِيهَا عمر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute