الْمُتْعَةَ ثُمَّ حَرَّمَهَا عَلَيْنَا» ) ، رَوَاهُ البزار فِي " مُسْنَدِهِ " عَنْهُ.
قَالَ الْمُبِيحُونَ لِلْفَسْخِ: عَجَبًا لَكُمْ فِي مُقَاوَمَةِ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي الَّتِي لَا تُزَعْزِعُهَا الرِّيَاحُ بِكَثِيبٍ مَهِيلٍ تَسْفِيهِ الرِّيَاحُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَهَذَا الْحَدِيثُ لَا سَنَدَ وَلَا مَتْنَ، أَمَّا سَنَدُهُ فَإِنَّهُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ عَلَيْنَا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَأَمَّا مَتْنُهُ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتْعَةِ فِيهِ مُتْعَةُ النِّسَاءِ الَّتِي أَحَلَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ حَرَّمَهَا، لَا يَجُوزُ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ الْبَتَّةَ لِوُجُوهٍ.
أَحَدُهَا: إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّ مُتْعَةَ الْحَجِّ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ، بَلْ إِمَّا وَاجِبَةٌ، أَوْ أَفْضَلُ الْأَنْسَاكِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ أَوْ جَائِزَةٌ، وَلَا نَعْلَمُ لِلْأُمَّةِ قَوْلًا خَامِسًا فِيهَا بِالتَّحْرِيمِ.
الثَّانِي: ( «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَحَّ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَوْ حَجَجْتُ لَتَمَتَّعْتُ، ثُمَّ لَوْ حَجَجْتُ لَتَمَتَّعْتُ» ) ، ذَكَرَهُ الأثرم فِي " سُنَنِهِ " وَغَيْرُهُ.
وَذَكَرَ عبد الرزاق فِي " مُصَنَّفِهِ ": عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سُئِلَ أَنَهَى عمر عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ؟ قَالَ: لَا، أَبَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؟ وَذَكَرَ عَنْ نافع أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: أَنَهَى عمر عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ؟ قَالَ لَا. وَذَكَرَ أَيْضًا (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: هَذَا الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، - يَعْنِي عمر - سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَوِ اعْتَمَرْتُ، ثُمَّ حَجَجْتُ لَتَمَتَّعْتُ) .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: صَحَّ عَنْ عمر الرُّجُوعُ إِلَى الْقَوْلِ بِالتَّمَتُّعِ بَعْدَ النَّهْيِ عَنْهُ، وَهَذَا مُحَالٌ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْقَوْلِ بِمَا صَحَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ مِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَنْهَى عَنْهَا، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ سَأَلَهُ: هَلْ هِيَ لِعَامِهِمْ ذَلِكَ أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: " بَلْ لِلْأَبَدِ "، وَهَذَا قَطْعٌ لِتَوَهُّمِ وُرُودِ النَّسْخِ عَلَيْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute