للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا حَدِيثُهُ الْمَرْفُوعُ - حَدِيثُ بلال بن الحارث - فَحَدِيثٌ لَا يُكْتَبُ، وَلَا يُعَارَضُ بِمِثْلِهِ تِلْكَ الْأَسَاطِينُ الثَّابِتَةُ.

قَالَ عبد الله بن أحمد: كَانَ أَبِي يَرَى لِلْمُهِلِّ بِالْحَجِّ أَنْ يَفْسَخَ حَجَّهُ إِنْ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَقَالَ فِي الْمُتْعَةِ: هِيَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: ( «اجْعَلُوا حَجَّكُمْ عُمْرَةً» ) . قَالَ عبد الله: فَقُلْتُ لِأَبِي: فَحَدِيثُ بلال بن الحارث فِي فَسْخِ الْحَجِّ، يَعْنِي قَوْلَهُ " لَنَا خَاصَّةً "؟ قَالَ: لَا أَقُولُ بِهِ، لَا يُعْرَفُ هَذَا الرَّجُلُ، هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْمَعْرُوفِ، لَيْسَ حَدِيثُ بلال بن الحارث عِنْدِي يَثْبُتُ. هَذَا لَفْظُهُ.

قُلْتُ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَصِحُّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ عَنْ تِلْكَ الْمُتْعَةِ الَّتِي أَمَرَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا حَجَّهُمْ إِلَيْهَا أَنَّهَا لِأَبَدِ الْأَبَدِ، فَكَيْفَ يَثْبُتُ عَنْهُ بَعْدَ هَذَا أَنَّهَا لَهُمْ خَاصَّةً؟ هَذَا مِنْ أَمْحَلِ الْمُحَالِ. وَكَيْفَ يَأْمُرُهُمْ بِالْفَسْخِ وَيَقُولُ: ( «دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ) ، ثُمَّ يَثْبُتُ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالصَّحَابَةِ دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ، فَنَحْنُ نَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنَّ حَدِيثَ بلال بن الحارث هَذَا، لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ غَلَطٌ عَلَيْهِ، وَكَيْفَ تُقَدَّمُ رِوَايَةُ بلال بن الحارث عَلَى رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ حَمَلَةِ الْعِلْمِ الَّذِينَ رَوَوْا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - خِلَافَ رِوَايَتِهِ.

ثُمَّ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا ثَابِتًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُفْتِي بِخِلَافِهِ. وَيُنَاظِرُ عَلَيْهِ طُولَ عُمْرِهِ بِمَشْهَدٍ مِنَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مُتَوَافِرُونَ، وَلَا يَقُولُ لَهُ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: هَذَا كَانَ مُخْتَصًّا بِنَا، لَيْسَ لِغَيْرِنَا حَتَّى يَظْهَرَ بَعْدَ مَوْتِ الصَّحَابَةِ أَنَّ أبا ذر كَانَ يَرَى اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِهِمْ؟

وَأَمَّا قَوْلُ عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُتْعَةِ الْحَجِّ: إِنَّهَا كَانَتْ لَهُمْ لَيْسَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>