وَقَدْ رَوَى معمر، عَنْ أيوب، عَنْ نافع عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً أَضَافَ إِلَيْهَا أُخْرَى، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا فَعَلَهُ غَيْرَهُ.
قُلْتُ: وَكَأَنَّ هَذَا السُّجُودَ لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الْجُلُوسِ عَقِيبَ الرَّكْعَةِ، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ عَقِيبَ الشَّفْعِ.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَصُومُوا هَذَا الْيَوْمَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَأَنْ نَصُومَ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ نُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْيَوْمُ مِنْ رَمَضَانَ حَتْمًا عِنْدَهُمْ لَقَالُوا: هَذَا الْيَوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَلَا يَجُوزُ لَنَا فِطْرُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا صَامُوهُ اسْتِحْبَابًا وَتَحَرِّيًا مَا رُوِيَ عَنْهُمْ مِنْ فِطْرِهِ بَيَانًا لِلْجَوَازِ، فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ قَدْ قَالَ حنبل فِي " مَسَائِلِهِ ": حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سفيان، عَنْ عبد العزيز بن حكيم الحضرمي، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: لَوْ صُمْتُ السَّنَةَ كُلَّهَا لَأَفْطَرْتُ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ.
قَالَ حنبل: وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد العزيز بن حكيم قَالَ: سَأَلُوا ابْنَ عُمَرَ. قَالُوا: نَسْبِقُ قَبْلَ رَمَضَانَ حَتَّى لَا يَفُوتَنَا مِنْهُ شَيْءٌ؟ فَقَالَ: أُفٍّ أُفٍّ، صُومُوا مَعَ الْجَمَاعَةِ، فَقَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَتَقَدَّمَنَّ الشَّهْرَ مِنْكُمْ أَحَدٌ، وَصَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( «صُومُوا لِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا» ) .
وَكَذَلِكَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute