للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: أَنَّ الزَّوْجَ يُسْتَحْلَفُ فِي دَعْوَى الطَّلَاقِ إِذَا لَمْ تُقِمِ الْمَرْأَةُ بِهِ بَيِّنَةً، لَكِنْ إِنَّمَا اسْتَحْلَفَهُ مَعَ قُوَّةِ جَانِبِ الدَّعْوَى بِالشَّاهِدِ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُحْكَمُ فِي الطَّلَاقِ بِشَاهِدٍ وَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ يَحْكُمُ بِوُقُوعِهِ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ مِنْ غَيْرِ شَاهِدٍ، فَإِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا الطَّلَاقَ، وَأَحْلَفْنَاهُ لَهَا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فَنَكَلَ، قُضِيَ عَلَيْهِ، فَإِذَا أَقَامَتْ شَاهِدًا وَاحِدًا، وَلَمْ يَحْلِفِ الزَّوْجُ عَلَى عَدَمِ دَعْوَاهَا، فَالْقَضَاءُ بِالنُّكُولِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَقْوَى.

وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ: أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَى الزَّوْجِ بِالنُّكُولِ، إِلَّا إِذَا أَقَامَتِ الْمَرْأَةُ شَاهِدًا وَاحِدًا، كَمَا هُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ، وَأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهَا مَعَ نُكُولِهِ، لَكِنْ مَنْ يَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ يَقُولُ: النُّكُولُ إِمَّا إِقْرَارٌ وَإِمَّا بَيِّنَةٌ، وَكِلَاهُمَا يُحْكَمُ بِهِ، وَلَكِنْ يَنْتَقِضُ هَذَا عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ فِي دَعْوَى الْقِصَاصِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ النُّكُولَ بَدَلٌ اسْتُغْنِيَ بِهِ، فِيمَا يُبَاحُ بِالْبَدَلِ، وَهُوَ الْأَمْوَالُ وَحُقُوقُهَا دُونَ النِّكَاحِ وَتَوَابِعُهُ.

الرَّابِعُ: أَنَّ النُّكُولَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيِّنَةِ، فَلَمَّا أَقَامَتْ شَاهِدًا وَاحِدًا، وَهُوَ شَطْرُ الْبَيِّنَةِ، كَانَ النُّكُولُ قَائِمًا مَقَامَ تَمَامِهَا.

وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَذَاهِبَ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْجَلَّابِ فِي " تَفْرِيعِهِ ": وَإِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ الطَّلَاقَ عَلَى زَوْجِهَا، لَمْ يُحَلَّفْ بِدَعْوَاهَا، فَإِنْ أَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا وَاحِدًا لَمْ تُحَلَّفْ مَعَ شَاهِدِهَا، وَلَمْ يَثْبُتِ الطَّلَاقُ عَلَى زَوْجِهَا، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ لَا يُعْلَمُ فِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ. قَالَ: وَلَكِنْ يَحْلِفُ لَهَا زَوْجُهَا، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِنْ دَعْوَاهَا.

قُلْتُ هَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِلْفُقَهَاءِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.

إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ يَحْلِفُ لِدَعْوَاهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، ومالك، وأبي

<<  <  ج: ص:  >  >>