رأيتمُوني أصلِّي)) ، وقال وقدْ حجَّ بأفعاله:((لِتأخُذُوا مناسككم)) فأمرَ أمَّته أن تقتدي بِفِعلهِ في واجبِ ذلكَ ومندُوبِهِ.
٥ـ ما وقع من الأفعالِ ابتداءً، وليس هو بواحدٍ ممَّا تقدَّم، فهذا قسمانِ:
[١] ما ظهرَ فيه قصدُ القُربةِ، كصلاةِ التَّطوع وصدقةِ التَّطوُع، ونحو ذلك، فلوُضُوح معنى القُربَةِ فيه فهو تشريعٌ عامٌّ، قال الله عزَّوجلَّ:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب: ٢١] .
[٢] ما لم يظهر فيه وجهُ القُربة، فغايتُهُ أن يكونَ متردِّدًا بين عبادةٍ وعادةٍ، فمفادُه على أقلِّ تقديرٍ إباحةَ ذلكَ الفعلِ للأمَّةِ حيثُ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فعلهُ، و (الإباحةُ) تشريعٌ.
مثالهُ: في الصَّحيحينِ)) أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل المُحصَّبَ (وهو اسمُ موضعٍ بين مكَّة ومِنى وإلى منَى أقرب، ويُسمَّى الأبْطَحُ) ، فاختلفَ الصَّحابة في هذا النُّزولِ: هل هو تشريعٌ أو ليس كذلك، فكانَ عبدُالله بنُ عمرَ رضي الله عنهما يراهُ سُنَّةً، وكان عبدُالله بنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما يقولُ:((ليسَ التَّحصيبُ (أي: نُزول المُحصَّبِ) بشيءٍ، إنما هو منزلٌ نزلَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) وكانتْ عائشةُ رضي الله عنها تُوافقُ ابنَ عبَّاسٍ فتقولُ: ((نزولُ الأبطحِ ليسَ بِسُنَّةٍ،