للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عُلمَ أنَّهُ يستعملُه لمعصيةِ الله يُمنعُ منها بدليل قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] ، فجاءَ المنعُ بدليلِ الشَّرعِ من غيرِ احتياجٍ إلى أصلٍ نُسمِّهِ (سَدَّ الذَّرائعِ) .

وأمَّا الصُّورَةُ الثَّانيَةُ وهيَ (الحِيلُ) فإنَّ المحظورَ هو الوُقوعُ في المحظورِ، والاحتيالُ لا يُحيلُ الحُرمَةَ إلى الإبَاحَةِ، فالرِّبا لا تُبيحُهُ صورةٌ شكليَّةٌ سُمِّيتْ (بيعًا) ، والخمرُ لا يُبيحهُ أن يُسمَّى بغير اسمِهِ، والعبرَةُ في هذا بمُرعاةِ مقاصِدِ الشَّرعِ وتعريفهِ لأحكامِ الحرامِ.

٢ـ المالكيَّةُ والحنابلةُ: بلْ هو دليلٌ من أدلَّةِ الأحكامِ.

واستدلُّوا بأنَّهُم رأو الشَّارعَ راعاهُ في التَّشريعِ، فهو يُحرِّم الزِّنا ويُحرِّمُ ما قاد إليهِ، فحرَّم النَّظر بشهوةٍ واللَّمسَ كذلكَ والخلوَةَ بالأجنبيَّةِ، ويُحرِّمُ الخمرَ ويُحرِّمُ كلَّ ما لهُ صلةٌ بها، فحرَّمَ عصرَهَا وبيعَها وشراءهَا وحمْلَهَا وسقْيَهَا والجُلوسَ على مائدَةٍ تدورُ عليها كما حرَّم شُربهَا، وما هذه إلاَّ سائلُ إليهاَ، ولا يُتصوَّرُ أن يُحرِّمَ الشَّارعُ شيئًا ثمَّ يأذنَ بأسبابِه ووسائلِهِ.

والأقربُ في هذا (سدًّ لذريعةِ) القولَ في دينِ الله بالرَّأي الَّذي قدْ يوردُ المشقَّةَ على المكلَّفينَ في التَّضييقِ في دائرةِ الحلالِ بالظُّنونِ، يكونُ المذهبُ الأوَّلُ أصحَّ المذهبينِ، وليسَ لهذا تأثيرٌ كبيرٌ في الواقعِ العمليِّ

<<  <   >  >>