فإنَّ كثيرًا من الأحكامِ متَّحدَةُ النتائجِ بين الفريقينِ، إلاَّ أنَّ الفريقَ الأوَّل يستدلُّ لها بدليلٍ آخر غيرِ (سدِّ الذَّرائِعِ) ، والثَّاني يستدلُّ لها بـ (سدِّ الذَّرائعِ) .
ومن العلماءِ من يستدلُّ لهذا الأصلِ بحديث النُّعمانِ بن بشيرٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ:((إنَّ الحلالَ بيِّنٌ، وإنَّ الحرامَ بيِّنٌ، وبينهمَا مُشتبهاتٌ لا يعلمهُنَّ كثيرٌ من النَّاسِ، فمنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ استبرأ لدينهِ وعرضِهِ، ومن وقعَ في الشُّبُهاتِ وقعَ في الحرامِ، كالرَّاعي يرعى حولَ الحِمَى يوشكُ أن يرتع فيهِ، ألاَ وإنَّ لكلِّ مالكٍ حمَى، ألا وإنَّ حمى الله محارمُهُ، ألاَ وإنَّ في الجسدِ مُضغَةً إذا صلحَتْ صلحَ الجسَدُ كُلُّهُ، وإذا فسدتْ فسَدَ الجسدُكلُّهُ، ألاَ وهيَ القلبُ)) [متفقٌ عليه] .
وهذا استدلالٌ في غيرِ محلِّهِ، فإنَّ (المشتبهات) الَّتي لا يتميَّزُ فيها الحُكمُ أهي حلالٌ أم حرامٌ تُتركُ ورعًا، خشيَةَ أن يكونَ حقيقةُ حكمِهَا التَّحريمِ فيُواقعُهَا من غيرِ أن يكونَ لهُ تأويلٌ بالحلِّ فيقعَ في (الحرامِ) ، فهيَ في نفْسِهَا مظِنَّةٌ الحُرمَةِ وليسَتْ ذريعَةً إليها.