للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* دلالته:

تدلُّ صيغةُ الأمرِ في خطابِ الله تعالى ورسولهِ - صلى الله عليه وسلم - مجرَّةً من القرائنِ على حقيقةٍ واحدةٍ هي الُوجوبُ.

هذا مذهبُ عامَّةِ أئمَّةِ الفقهِ والعلمِ ممَّن يُقتدى بهم كالأئمَّةِ الأربعةِ أبي حنيفةَ ومالكٍ والشَّافعيّ وأحمدَ.

وخالفَ الفردُ والأفرادُ من المتأخِّرينَ في ذلكَ فذكرُوا أنَّها لغيرِ الوُجوبِ، قال بعضُهمْ: للنَّدبِ، وقال بعضُهم: للإباحةِ، وقال بعضُهُم غير ذلكَ.

والقولُ لا عبرََ به إن لم يُصحِّحهُ الدَّليلُ، ولقدْ تواترَتِ الأدلَّةُ وظهرَتْ وجوهُ دلالاتِهَا على المذهبِ الأوَّلِ، وهو الوُجوبُ، فمنها:

١ـ قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: ٣٦] .

قال أبُوعبد الله القُرطبيُّ: ((وهذا أدُّ دليلٍ على ما ذهبَ إليه الجمهُورُ..من أنَّ صيغَةَ (افعلْ) للُوجوبِ في أصلِ وضعِهَا، لأنَّ الله تبارك وتعالى نفى خِيرَةَ المكلَّفِ عند سماعِ أمرِهِ وأمرِ رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ أطلقَ على من بقيتْ له خِيرَةٌ عندَ صُدورِ الأمرِ اسمَ المعصيَّةِ، ثمَّ علَّق على المعصيةِ بذلكَ الضَّلالِ، فلزِمَ حملُ الأمرِ على الوُجوبِ))

<<  <   >  >>