ومن الدَّليل على هذه القاعِدَةِ: حديثُ عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنهُ: أنَّ رجلاً أصابَ من امرأةٍ قُبلَةً، فأتَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذكرَ ذلكَ لهُ، قالَ: فنَزَلتْ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}[هود: ١١٤] ، قالَ: فقالَ الرَّلُ: ألِي هذهِ يا رسول الله؟ قالَ:((لمنْ عملَ بها من أُمَّتي)) [متفقٌ عليه] ، وفي روايةٍ لمسلمٍ: فقالَ رجلٌ من القومِ: يا نبيَّ الله، هذا لهُ خاصَّةً؟ قالَ:((بلْ للنَّاسِ كافَّةً)) .
وممَّا يُؤكدُ هذه القاعدَةَ عَدَمُ مجيءِ أكثرِ النُّصوصِ؛ خاصَّةً نصوصَ القُرآنِ الَّتي نزلتْ لأسبابٍ؛ بتسميةِ من كانَ سببًا في نزولهاَ، بل يأتي اللَّفطُ عامًّا ليكونَ تشريعًا لجميعِ أهلِ الإسلامِ بدلالةِ العُمومِ.
إلاَّ أنَّ معرفَةَ أسبابِ نُزولِ القرآنِ وأسبابِ وُرودِ الحديثِ من أعظمِ ما ينتفِعُ بهِ الفقيهُ في فهمِ نصُوصِ الكتابِ والسُّنَّةِ، فإنَّها تُساعدُ لإدراكِ حقيقَةِ الحُكمِ، أو صفَتِهِ، أو موضِعِهِ، وهذا بابٌ تزِلُّ فيه الأفهامُ كثيرًا.
"تنبيه:
ذهبَ بعضُ الحنابلَةِ للتَّخصيصِ أحيانًا بالسَّببِ الَّذي ورَدَ عليهِ النَّصِّ بما يُسمُّونهُ:(التَّخصيصُ بقضايا الأعيانِ) ، ويُمثِّلونَهُ بحديثِ أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قالَ: رخَّصَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - للزُّبيرِ