كقوله تعالى بعد ذِكر المُحرَّماتِ من النِّساءِ:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء: ٢٤] ، ولم يكُن في تلك المُحرَّماتِ: الجمعُ بين المرأةِ وعمَّتهاَ، أو خالتهَا، وإنَّما جاءتْ به السُّنَّةُ، فخصَّتِ العُموم الوارِدِ في قوله تعالى:{مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} ، وبقي العُمومُ فيما عداهَا، فالمُحرَّماتُ من النِّساءِ ما تقدَّم في الآياتِ على قوله:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} مُضافًا إليهنَّ الجمعُ بينَ المرأةِ وعمَّتِهَا أو خالتِهَا، ويبقى الحِلُّ لما وراءَ ذلكَ على عُمومِهِ.
٧ـ لا يُشترطُ في المُخصَّصِ أن يأتي مُقارنًا للعُمومِ.
هذا مذهبُ جمهورِ العلماءِ، خلافًا للحنفيَّةِ، فعندهُم: العامُّ قطعيُّ الدَّلالةِ، والخاصُّ قطعيُّ الدَّلالةِ، فإذا تأخَّر دليلُ التَّخصيصِ دلَّ على نسخِ العُمومِ.
والتَّحقيقُ: أنَّ العامَّ ظنِّيُّ الدَّلالةِ على ما يدخُلُ تحتَهُ من الأفرادِ، ولعلَّهُ لا يخلو عامٌّ من تخصيصٍ بوجهٍ من الوُجوهِ، والمُتأمِّلُ للأدلَّةِ الشَّرعيَّةِ يجدُ ذلكَ واضحًا فيهَا، فكيفَ يصلُحُ أن يكون شاملاً لكلِّ فردٍ من أفرادِهِ غير المحصورينَ على سبيلِ القطعِ؟ وفي الأدلَّةِ المذكورةِ آنفًا على حجِّيةِ العُمومِ ما يؤكِّدُ صحَّةَ مذْهبِ الجُمهورِ.
٨ ـ العامُّ حُجَّةٌ بنفسهِ لا يتوقَّفُ القولُ بهِ على البحثِ عن المُخصَّصِ.