موارِدِ اختلافِ الفُقهاءِ.
٢ـ النّصَّينِ ظاهرُهُما التَّعارضُ:
ومثالُه من الكتابِ قولهُ تعالى في سورةِ السَّجدَةِ: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة: ٥] مع قولِهِ عزَّوجلَّ في سورةِ المعارجِ {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: ٤] ، فهذا مُشكلٌ، ومنَ العُلماءِ من تقحَّم الجوابَ فقالَ باجتِهادِهِ، ومنهُم من توقَّفَ، وهذا شأنُ العالمِ عندَ العَجزِ عن التَّوفيقِ بينَ ما ظاهرُهُ التَّعارضُ، وهو واردٌ في الأحكامِ وفي غيرِهَا.
فمنَ الأقوالِ في رفعِ الإشكالِ: أنَّه في الموضعينِ يومُ القِيامَةِ، والمعنى: أنَّ الزَّمانَ يطولُ بحسبِ الشَّدائدِ الواقعَةِ فيهِ، فيطولُ على قومٍ ويقصُرُ على آخرينَ بحسبِ الأعمالِ.
وعنِ ابنِ أبي مُليكَةَ، قالَ: سألَ رجلٌ ابنَ عبَّاسٍ عن {يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} قالَ: فاتَّهمهُ، فقيلَ لهُ فيهِ، فقالَ: ما يومٌ {كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} ؟ فقالَ: إنَّما سألتُكَ لتُخبرَنِي، فقالَ: هُما يومانِ ذكرَهُما الله جلَّ وعزَّ، اللهُ أعلمُ بهمَا، وأكرهُ أن أقولَ في كتابِ الله بما لا أعلمُ [أخرجه جريرٍ في ((تفسيره)) ٢٩/٧٢ بسندٍ صحيحٍ] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute