الحرامُ والشُّبُهاتُ في المكاسِب وقلَّ الحلالُ وندرَ فلا تُتركُ ضرُورَةُ حفظِ النَّفسِ بالنِّكاحِ والنَّسلِ لأجلِ وُرودِ تلكَ المفسَدَةِ، وكونُ الإنسانِ بينَ اختيَاريْنِ: طلبِ العِلمِ في موضعٍ يرَى فيها المُنكرَ ويسكُتُ، أو تركِ ذلكَ والبقاءِ على الجهلِ والأميَّةِ، فالأوَّل مقدَّمٌ في الاختيارِ، فإنَّ طلبَ العلمِ من ضرورَةِ حفظِ الدِّينِ، والسُّكوتَ عن إنكارِ المُنكرِ فيه رُخصَةٌ في أحوالٍِ، ومنها الوُقوعُ في الكذبِ لحمَايَةِ مسلمٍ من الأذَى، وكِتمانُ الإسلامِ أو تركُ إظهارِ التَّديُّن لوِقايَةِ النَّفسِ أوِ الأهلِ أو المالِ من الأذَى.
٤ـ (الضَّروراتُ تُبيحُ المحظُوراتِ) .
وفُروعُها لا تنتهي، وهيَ قاعدَةٌ عظيمَةٌ يُستباحُ بها الحرامُ لعُسرِ احتمالِ المُكلَّفِ عُسرًا يوردُ عليهِ من الضَّررِ ما لا يقدِرُ عليهِ، ومنْ فروعِ هذا: إباحَةُ الميتَةِ والخِنزيرِ والخمر وغيرِهَا لمن لا يجدُ بُدًّا من أخذِهَا.
وفهمُ هذه القاعِدَةِ يحتاجُ إلى تصوُّرِ قدْرِ الضَّررَينِ: الضَّررِ الوارِدِ، معَ ضررِ مُواقعَةِ الحرامِ، وهذهِ تحتاجُ إلى تأمُّلٍ شديدٍ من قِبلِ الفقيهِ، فأيُّ الجانبينِ كانَ أرجحَ فالحُكمُ لهُ.
ولنضْربْ له مثالاً: إنسانٌ وقعَتْ عليهِ غرامَةٌ ماليَّةٌ، وهوَ مُخيَّرٌ بين السَّدادِ وبينَ السَّجنِ، فنظرَ فلم يجِدْ سبيلاً للسَّدادِ إلاَّ قرضًا بالرِّبا،