لأصولِ الفقهِ، أُشيرُ بهذا إلى أنَّ التَّأصيلَ لهذا العِلمِ خرجَ به كثيرٌ من المنتسبين إليه عمَّا قُصِدَ بهِ، فجاءُوا ليضَعُوا القوانينَ لفقهِ الكتابِ والسُّنةِ، وجلُّهم لا يعلمُون مخارجَ السُّننِ وكثيرٍ من الكتابِ والسُّنةِ وهو ليسَ من أهلهما؟
على أنَّ هذا العلمَ ابتدأ صناعتَهُ وتقنينَهُ على أقربِ صُورةٍ إلى الاستيعابِ والكمالِ الإمامُ أبوعبد الله الشَّافعيُّ المتوفَّى سنة (٢٠٤هـ) في كتابهِ العظيمِ (الرِّسالة) ، بناهُ على دلائل الكتابِ والسُّنةِ، بعيدًا عن التكلُّفِ وما لا يترتَّبُ عليه فائدةٌ أو عملٌ، وكانتْ تلكَ الأصولُ منثورةً في طرقِ الأئمَّةِ في الفقهِ قبل الشَّافعيِّ فيها التَّجريدُ والاستدلالُ، فمنْ جاء بعدَهُ بقيتْ فيهم طائفةٌ قليلةٌ على أثرهِ من جميعِ الفُقهاءِ غيرِ الحنفيَّةُ فسلكُوا طريقًا أقربَ إلى الصَّوابِ من أولئكَ الَّذينَ جاءُوا بعدَ الشَّافعيِّ، فإنهمْ نظرُوا في فُروعِ المذهبِ المنقولةِ عن الإمامِ أبي حنيفة وأصحابهِ وتأمَّلُوا طريقةَ فقْهِهمْ، فاسْتَفَادُوا منها التَّأصيلَ، فجاءتْ كُتُبُ كثيرٍ من مُصنِّفيهِمْ في الأصُولِ نافعَةً، من أمثالِ الإمامِ أبي بكْرٍ