أنهى عن الكيِّ)) [رواه البخاريُّ] ، فهذا النَّهيُ للكراهَةِ لا للتَّحريمِ، وممَّا دلَّ عليه: حديثُ جابرِ بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ:((إنْ كانَ في شيءٍ من أدويتِكُم خيرٌ ففي شربةِ عسلٍ، أو شرطَةِ مِحجمٍ، أولَذْعَةٍ من نارٍ، وما أحِبُّ أن أكتوِي)) [متفقٌ عليه] ، فهذا إذنٌ لهُم في التَّداوي بالثَّلاثِ المذكُورَاتِ، معَ كراهَةِ الكيِّ.
ومن ذلكَ حديثُ عبد الله بن عُمرَ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى يومَ خيبرَ عن أكلِ الثُّومِ [رواه البخاريب] ، وهذا النَّهيُ ليسَ للتَّحريمِ بأدلَّةٍ عديدةٍ منها:
حديثُ أبي أيُّوبَ الأنصارِيِّ رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أُتي بِطعامٍ أكل منهُ وبعثَ بفضْلِه إليَّ، وإنَّه بعثَ إليَّ يومًا بفضْلةٍ لم يأكلُ منها؛ لأنَّ فيها ثومًا، فسألتُه: أحرَامٌ هُوَ؟ قال:((لاَ، ولكنِّي أكرَهُهُ من أجلِ ريحِهِ)) قال فإنِّي أكرهُ ما كرِهتَ، وفي روايةٍ: وكانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُؤتَى [رواه مسلم] ، والمقصودُ أنَّه كان يأتيهِ الملكُ.
٣ـ التُّروكِ النَّبويَّة الَّتي قُصدَ بها التَّشريعُ لا الَّتي جرتْ بمقتضى الطَّبع البشرِيِّ، وهذا يُقابلُ ما يفيدُه الفعلُ النَّبويُّ من الاستحبابِ، فكذلك يُفيدُ التَّركُ الكراهةَ.
ومن أمثلة ما كانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - تركَهُ عمدًا بقصدِ التَّشريعِ لا بمقتضى