للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طبعهِ: تركُهُ مُصافحة النِّساءِ في البيعةِ، قالتْ عائشةُ رضي الله عنها: ما مسَّت يدُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدَ امرَأةٍ قطُّ، غيرَ أنَّه بايعهُنَّ بالكلامِ [متفقٌ عليه] ، وقال: - صلى الله عليه وسلم - في حديثِ أُميمةَ بنتِ رُقيقَةَ: ((إنِّي لا أُصافحُ النِّساءَ، إنما قولي لمئةِ امرأةٍ كقولي لامرأةٍ واحدَةٍ)) [حديثٌ صحيحٌ، رواه مالكٌ وغيرُهُ] ، فهذا تركٌ مقصودٌ للمصافحة، مع أنَّها كانتْ من سُنَّة البيعةِ، وما كان ليدَعَ مستحبًّا، ولا مباحًا يستوي فيه الفعلُ والتَّركُ والمرأةُ تمدُّ إليهِ يدَهَا وهوَ يكفُّ يدَهُ كما جاءَ في بعضِ رِواياتِ هذه القصَّةِ، والتَّركُ المجرَّدُ لا يرقى بنفسهِ إلى أن يكونَ المتروكُ حرامًا، إلاَّ أن يدلَّ على التَّحريمِ دلبيلٌ مستقلٌّ غيرُ التَّركِ، ولم يأتِ في هذه المسألةِ ما يدلُّ على تحريمِ مجرَّدِ المصافحةِ للنِّساءِ إلاَّ أن تكونَ بشهوةٍ، فقد صحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - قوله: ((وزِنَا اليدِ اللَّمسُ)) ، والزِّنا لا يقعُ بغير شهوةٍ، والمصافحةُ تقعُ بشهوةٍ وبغيرِ شهوةٍ، فمجرَّدها مكروهٌ، وبالشَّهوةِ حرامٌ.

"مسائل:

١ـ لفظ (الكراهةِ) في استعمالِ العلماءِ جارٍ على معنى الكراهةِ المذكورِ ههنا، سِوى الحنفيَّة فإنَّهُم يقولونَ: كراهةُ تحريمٍ، وكراهَةُ تنزيهٍ، والنَّوعُ الأوَّلُ في تقسيمِهِم هذا من قِسمِ (الحرامِ) كما تقدَّمَ التَّنبيهُ عليهِ، والثَّاني من قسمِ (المكروه) الاصطلاحيِّ.

<<  <   >  >>